الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

التّطبيق الواقع لمعنى أنّ الله يهدي، هو أنّ الإنسان يستخدم ما أودع الله فيه من طاقةٍ، ومن إرادةٍ، ومن عقلٍ، ومن قوةٍ

حديث الجمعة
 18 صفر 1438هـ الموافق 18 نوفمبر 2016م
السيد/ علي رافع

حمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
عباد الله: "مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا"[الكهف 17]، "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ..."[العنكبوت 20]، "...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء..."[فاطر 28]، آياتٌ تذكّرنا وتعلّمنا كيف نعيش على هذه الأرض.
كلّ الآيات موجّهةٌ لنا، لنتعلّم قوانين هذه الحياة، فنستطيع أن نتعايش وأن نكسب حياتنا. كلّ آيةٍ من آيات الكتاب هي قانونٌ حاكمٌ لحياتنا على هذه الأرض، في زاويةٍ أو من زاويةٍ معيّنة ولقضيّة محدّدة. علينا أن يكون لنا فهمٌ في كلّ آيةٍ حتّى نستطيع أن نكوّن رأياً، وأن نعمل بما رأيناه في حياتنا.
قانون الهداية هو مرتبطٌ بأن نعكس البصر إلى داخلنا فيما ندركه، وفيما نفهمه، وفيما نعمله.علينا أن نراجع أنفسنا دائماً؛ لأنّنا حين ننظر في الآية: "مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا"، وننظر في واقعنا، لا نرى إلّا أنفسنا، لا نرى إلّا وجودنا، لا نرى إلّا إرادتنا، لا نرى إلّا ما نعقله، لا نرى إلّا ما نشعر به. لا نستطيع أن نرى قوّةً خارجيّة تأتي إلى الإنسان فتأخذه إلى هدايةٍ أو تأخذه إلى ضلال.
فمفهوم الآية بالنّسبة لنا، هو تعبيرٌ عمّا أوجد الله في الإنسان، وليس في رؤيةٍ أنّ الله بعيدٌ عن الإنسان يجعله يفعل كذا أو كذا، فالله قريبٌ من الإنسان وليس بعيداً عنه، "... أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ق 16]، "... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ..."[الحديد 4]، لا بمعنى قوّةٍ خارجيّةٍ تدفعكم دفعاً إلى أمرٍ ما أو تمنعكم منعاً عن أمرٍ ما، وإنّما هو ما هو قائمٌ فيكم من طاقةٍ، ومن قوةٍ، ومن إرادةٍ، ومن عقلٍ، ومن فطرةٍ، ومن إحساسٍ بقلبٍ، ومن ضميرٍ ـ الله يظهر فيكم بكلّ ذلك.
فإذا أدركنا هذا، رجعنا إلى أنفسنا، وإلى داخلنا، وإلى فطرتنا، وإلى عقولنا، وإلى قلوبنا، وإلى ضمائرنا ـ لنرى هل نحن في ضلالٍ أو نحن في هدايةٍ. قد يقول قائلٌ أنا لا أستطيع أن أعرف، وهذا حقيقيّ، وعدم استطاعة الإنسان أن يعرف هو أمرٌ مجرّد، وهو أمرٌ حقيٌّ مطلق، ولكن بقيامه على هذه الأرض عليه أن يختار، واختياره يقوم على ما يراه. ولذلك، فلابدّ له من أن يتّخذ قراراً في أمره.
فإذا كان الأمر كذلك، فعليه أن يكون له نظرٌ ووجهة نظرٍ في معنى الضّلال وفي معنى الهداية، هو الذي يحدّد ذلك بما يستطيع أن يدركه. فالتّطبيق الواقع لمعنى أنّ الله يهدي، هو أنّ الإنسان يستخدم ما أودع الله فيه من طاقةٍ، ومن إرادةٍ، ومن عقلٍ، ومن قوةٍ ـ وأنّ ذلك منوطٌ به، بقيامه على هذه الأرض، وهو أمرٌ يرجع إليه.
فإذا استخدم ما أودع الله فيه من طاقاتٍ، كان في معنى الهداية بالوجه العامّ؛ لأنّه استخدم ما أعطاه الله، وهذا هو عين الهداية. الهداية، أن تستخدم ما أعطاك الله من عقلٍ، ومن إحساسٍ، ومن قدرةٍ على التّذوّق، ومن قدرةٍ على الحكم بما تراه وبما تدركه، وأن تكون واعياً لذلك.
والضّلال، هو ألّا تُعمِل ما أعطاك الله من طاقاتٍ، فلا تعكس البصر إلى داخلك، ولا تنظر إلّا إلى خارجك، تكون متحرّكاً بما تراه حواسّك وبما تريده ذاتك، دون أن يكون لك أيّ فهمٍ في معنى حياتك وفي معنى وجودك.
إنّا نرى ذلك واقعاً في الحياة، حين ترى الذين يفسدون في الأرض، بأيّ شكلٍ من الأشكال تجد أنّهم لا يفعلون ذلك إلّا لأنّهم لا يرجعون إلى عقولهم، أو إلى قلوبهم، أو إلى ضمائرهم ـ إنّما هم مدفوعون دفعاً بحواسّهم، وبشهوات ذواتهم، وبظاهر وجودهم، وبعبادة دنياهم.
فالذي يسيطر على النّاس ويتحكّم فيهم بكلّ الصّور والأشكال لمصلحته الذاتيّة الماديّة الدنيويّة، هو لا يفعل ذلك بقلبه ولا بعقله ولا بما فيه من طاقةٍ حقيّة، إنّه لا يُعمِل هذه الأدوات، إنّما هو في ضلالٍ لا يرى ولا يسمع، "...صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ"[البقرة 171].
ولماذا هو كذلك؟ لأنّ تكوينه فيه شيءٌ من ذلك، وكلّنا فينا هذا الشّيء، إنّما هناك من يسمع النّداء، ومن لا يسمع، "رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا..."[آل عمران 193]، وقد يسمع إنسانٌ ولا يسمع آخر.
وإذا كان هذا هو خلق الله، فهنا قد يسأل سائلٌ: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نقول على هذا الذي هو حاله، حال غفلة، أنّه من الضّالين؟ إنّا نقول لأنّ هذا هو وصفه، ولكن نتيجة هذا ستكون حياته المستقبليّة، وهذا يسير وفق قانون.
ولنقرّب هذه الصّورة إلى أذهاننا، حين ننظر في أرضنا، فنجد أنّ إنساناً أعطاه الله ذكاءً وقدرةً على التّأمّل، والتّفكّر، والتّدبّر، والتّعلّم، والإبداع، والإنتاج ـ فيكون طبيباً ماهراً، أو مهندساً بارعاً، أو تاجراً شديد الثراء؛ لأنّه يعرف كيف يتعامل مع النّاس ومع الأسواق، وما إلى ذلك، أو أيّ نجاحٍ آخر في أيّ مجالٍ وفي أيّ عملٍ.
وهناك الإنسان المحدود الذّكاء، الذي لا يستطيع أن يفعل ما يفعله الآخر، هو له حياته وله ما أعطاه الله من قدراتٍ أيضاً، ولكنّنا لا نستطيع أن نقول أنّ إنساناً لم ينجح في تعلّم الطبّ، أنّ ليس له ذنبٌ في ذلك، وأنّنا يجب أن نجعله طبيباً، إنّما هو مؤهّلٌ لما أحسن فيه ولما أحاط به.
فكذلك حال الإنسان في الجانب المعنويّ، هناك إنسانٌ قادرٌ على التّفكّر والتّأمّل والذكر، وأن يعمل عملاً صالحاً، وأن يخدم النّاس بصورٍ مختلفة، وهناك إنسانٌ غائبٌ عن ذلك، "... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ..."[الزمر 9]، "...هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ..."[الأنعام 50]، هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، لا يستوي؛ لأنّه ليس قادراً على أن يفعل مثل الآخر فنتيجة وجوده سوف تكون هذه النتيجة متلائمة ومتوافقة مع قدراته.
ولذلك، إذا نظرنا بصورةٍ مطلقة سوف نجد أنّ "...مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ..."[النساء 147]، وأنّ ما يُقال عن أهل الجنّة وأهل النّار، عن أهل اليمين وأهل الشّمال، عن الصّالحين وغير الصّالحين، هو نتيجةٌ طبيعيّة لحال الإنسان، كلٌّ يؤدّي دوره في هذا الكون.
فإمّا أن يكون الإنسان حيّاً عند ربّه يُرزق لأنّه أهلٌ لذلك، أو أن يكون وقوداً لنارٍ وقودها الناس والحجارة، فهذا أمرٌ ينتج عن عمل الإنسان، وعن قدرة الإنسان، "فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ"[الإنفطار 8]، فالإنسان بما أعطاه الله من عقلٍ، ومن فطرةٍ، قد يختار هذا، وقد يختار ذاك.
وقد يختار إنسانٌ أن يكون "...حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا"[الإسراء 50]، فهو لا يرى إلّا وجوده الماديّ، ولا يريد أن يكون شيئاً بعد ذلك، ويصبح من تراب الأرض. وهناك من يريد أن يكون حيّاً، فيصبح حيّاً عند ربّه يُرزق.
وكلّ إنسانٍ بوجوده على هذه الأرض معرضٌ لهذا الفهم، فإمّا أن يسمعه ويصدّقه، وإمّا أن يرفضه ويكذّبه، "فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى، وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى"[الليل 11:5]. هكذا نفهم قانون الله في الهداية على هذه الأرض.
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ..."، فمن هو عنده قدرةٌ على التّأمّل والتّفكّر والّتدبّر، سوف يسير في الأرض فينظر كيف بدأ الله الخلق، فهذا ما نشير إليه بأنّه عنده قدرةٌ عقليّة، وقدرةٌ إبداعيّة، وقدرةٌ على الذكّر، وقدرةٌ على التعلّم ـ فيستطيع أن يفهم أشياءً كثيرة، ويستخرج معاني كثيرة، ويحوّل هذه المعاني إلى ما ينفع النّاس، فيكون أداة خيرٍ للنّاس ـ فهذا مرتبطٌ بمعنى الهداية.
وأما الذي ليس عنده القدرة على ذلك والذي نقول أنّه في معنى الضّلال، فالضّلال هو عدم رؤية، لا يستطيع أن يرى، فهو يسير في الأرض ولا يرى شيئاً، ولا يتعلّم شيئاً، ولا يستطيع أن يدرك شيئاً.
فهنا في هذه الحالة، هذا الحال مرتبطٌ بمعنى الهداية، والذي يتعلّم ويتفهّم، يدرك أن لا نهاية لعلمه، ولا نهاية لفهمه، فلا يتكبّر ولا يتجبّر، بما أعطاه الله من قدرةٍ مكّنته من ذلك، فيكون في معنى "...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء...".
أما الذي غير قادرٍ على أن يعلَم أو يتعلّم يظن نفسه عالماً ويتكبّر على النّاس ويتجبّر، ومن ثَمّ فلا يخشى الله، وإنّما يعتقد أنّه أوتيه على علمٍ عنده، فالذي يتصوّر أنّه علم كلّ شيء، ما علم شيئاً. والذي علم الكثير يظلّ يرى أنّه لم يعلم شيئاً. نجد هذا الرّباط بين هذه الآيات التي ذكرناها، وتأمّلنا فيها من هذا الجانب.
عباد الله: نسأل الله: أن نكون ممن هدى الله، ومن الذين يسيرون في الأرض فينظرون كيف بدأ الله الخلق، ومن الذين يخشون ربّهم في كلّ لحظةٍ وفي كلّ حين.
فحمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نقوله اليوم: أنّ معنى أن يهدي الله الإنسان هو أنّه أوجد فيه قدرة، وطاقة، وعقل، وقلب، وضمير ـ ليكون عبداً لله صالحاً. وأنّ معنى "...وَمَن يُضْلِلْ..."، هو أنّ هذا الإنسان في تكوينه وتركيبه غير قادرٍ على أن يسمع، أو أن يرى، أو أن يفكّر، أو أن يذكر، حتّى إذا ذُكِّر. وهذه طبيعة الحياة.
وقد خلق الله النّاس في مقاماتٍ ودرجاتٍ وقدراتٍ مختلفةٍ ومتباينة، سواء فيما هو ظاهرٌ على هذه الأرض من قدرات أو فيما هو موجودٌ في باطنهم. ولذلك، لا يجب أن يتعجّب الإنسان إذا رأى إنساناً لا يسمع، ولا يرى، ولا يفهم، ولا يتفكّر ـ فهذا قائمٌ وواقع.
وقد يقودنا هذا ـ كما أشرنا ـ إلى قضيّة: وكيف يكون العدل في ذلك، وقد أعطى الله إنساناً هذه القدرات ولم يعط إنساناً آخر هذه القدرات؟ فنقول أنّ العدل ليس في أن نجعل كلّ الناس يعملون نفس العمل، أو يقومون بنفس الفعل، وإنما كلٌّ ميسرٌ لما خُلِق له، حتّى هذا الذي لا يسمع ولا يرى، كلٌّ يسير في مساره الذي هو أهلٌ له، بقانونٍ إلهيٍّ محكم.
ولأنّ الإنسان على هذه الأرض في قيامه المقيّد لا يستطيع أن يعرف من هو، وإن كان من أهل الهداية، أو من أهل الضّلال ـ تجيئ رسالات الله، ويجيئ أنبياء الله ورسله وعباده وأولياؤه، ليذكّروا النّاس جميعاً، "فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى، سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى"[الأعلى 11:9]، فيحدث الفرز بناءً على ذلك. "فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى، سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى"، من كان من أهل الهداية. "وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى"، الذي هو من أهل الضّلال.
فإذا كان الإنسان فيه بذرةٌ من هداية، سوف يجعله ذلك يحاول أن يسمع، ويحاول أن يرى، ويحاول أن يفهم، ويحاول أن يتفكّر ويتدبّر ـ فيجد من يُذكّره ـ ليس شرطاً في إنسانٍ بذاته، وإنّما في آيات الله في كونه، وفي آيات الله في كتابه، وفي آيات الله في أحداث الحياة، سوف يسمع وسوف يرى.
سوف يكون في معنى الذين استجابوا للأمر، "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ..."، فيفكّر، ويتدبّر، ويذكر، ويدعو الله، ويخشى الله، ويحاول أن يكون أداة خيرٍ للنّاس، لا أن يكون أداة سوءٍ لهم. فإذا كان كذلك، كان في معنى أنّه سوف يكون حيّاً عند ربّه يُرزق.
وإن لم يكن كذلك، فله دورٌ آخر في الحياة، سوف يكون في حال تحوّلٍ من هذا القيام لقيامٍ آخر، بمعنى "...نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..."[التحريم 6]، تعبيرٌ عن ذلك، تحويلٌ له من حالٍ إلى حال.
فالنّار هنا ليست فقط رمزٌ لأنّه أساء للنّاس ولم يكن في معنى القيام الحقّيّ، وإنّما هو لأنّ هذا الوجود الذي كان فيه يحتاج لأن يتغيّر ولأن يتحوّل، وهو بذلك له دوره في الحياة، أن يكون وقوداً لنارٍ تُغيّر، لها معنىً رمزيّ حقّي، أُشِير له بمعنى النّار، إنّما هو معنى أكبر من ذلك، هو معنى إعادة التّكوين من حالٍ إلى حال.
لذلك، فإنّ الله رحيمٌ بعباده، "...مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ..."، إنّ كلّ إنسانٍ سوف يأخذ ما يستحقّه في هذا الكون، ليس بمعنى جزاءٍ أو تعذيب، فالجزاء أو العذاب هما صورتان ووجهان لعملةٍ واحدة، هذا سوف يخدم في حياته المستقبليّة في شكلٍ ما، والآخر سوف يكون له دورٌ آخر، كما هذه الأرض، والظّاهر مرآة الباطن، كلٌّ له دوره في خدمة النّاس على هذه الأرض.
عباد الله: هذا تأمّلٌ، وتفكّرٌ، وتدبّر، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
نسأل الله: أن نكون من المستغفرين دائماً، الراجعين إليه دائماً، والحامدين الشّاكرين له دائماً.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه النّاس حولنا.
اللهم ونحن نتّجه إليك، ونتوكّل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك.
اللهم فاكشف الغمّة عنّا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنّا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه السّاعة ذنباً إلّا غفرته، ولا همّاً إلّا فرّجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلّا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
يا أرحم الرّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرّاحمين ارحمنا.      

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق