الجمعة، 15 مارس 2019

نحن نتعلَّم كيف نتعايش مع وجودنا بما فيه من ظلامٍ وشيطان وباطل وما فيه من نور ورحمنٍ وحقٍّ.


حديث الجمعة
10 جمادى الثاني 1440هـ الموافق 15 فبراير 2019 م
السيد/علي رافع

حمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
نستعين بالله ونستنصره، ونعوذ به من الشَّيطان الرَّجيم، نعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، نسأله رحمةً، وهدايةً، وعزمًا، نستعين به على ظلام نفوسنا، نستغفره دائمًا، ونتوب إليه دائمًا، فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا على رسول الله .
إنَّنا حين نتأمَّل فيما يحدث على أرضنا، ونتدبَّر في آيات الله لنا، وهي تصف حال هذه الأرض في مراحل مختلفة، "وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ"[الفجر 3:1]، حين نتأمَّل في بداية هذه السُّورة، ونربطها بما سيجيء بعد بدايتها، قد نجد علاقةً نتأمَّلها ونتدبَّرها، ولا نقول أنَّ هذه العلاقة هي العلاقة الوحيدة، أو أنَّها تفسيرٌ لهذه الآيات، وإنَّما هو تدبُّر وتأمُّل في حال هذه الأرض، فنحن في قراءتنا نربط بين الظَّواهر الكونيَّة، وبين المعاني الرُّوحيَّة، وأحوال الإنسان الحقيَّة.
فالفجر، هو ظهور النُّور بعد ظلام، والليل هو حجابٌ من ظلام، حيث تختلط الأمور، ولا يستطيع الإنسان أن يُميِّز بين الخير والشرّ، والحقِّ والباطل، ولا يعني هذا أفضليَّةً للفجر أو الظُّهور، عن الليل والاختفاء، فلكلِّ حالٍ ما له وما عليه، وله حكمةٌ في هذا الكون.
إنَّما ما نتأمَّله هنا، هو أنَّ الفجر كمفرد، والليالي العشر كجمع، نستطيع أن نربط بين ذلك وبين ما يحدث على أرضنا، فالظَّلام على هذه الأرض، قد يستمرُّ أكثر من لحظات النُّور والإشراق، "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ، وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ، الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"[الفجر 14:6].
فهنا، نجد سردًا للحظاتٍ في تاريخ هذه الأرض، وكلُّ هذه اللحظات والتَّاريخ الذي ذُكر، هو لأممٍ ضلَّت عن معنى الحقِّ، ولم تر إلَّا الدُّنيا وما فيها، ولم تنتبه إلى معنى حياتها، وإلى معنى وجودها، فهي في ليلٍ لا تستطيع أن تُميِّز ما هو الحقيقيّ، وما هو الغير حقيقيّ.
نجد أنَّ هناك عصورًا كثيرة مرَّت على البشريَّة، كان الظَّلام حالكًا، ونجد أنَّ اللحظات التي ظهر فيها النُّور كانت قليلة، فيظهر النُّور في الرِّسالات الإلهيَّة، فتتغيَّر الأمم وتستقيم في لحظاتٍ، ثم ينقلب الأمر بعد ذلك، بل أنَّا نستطيع أن نشهد ذلك أيضًا، فيما يحدث من استنارةٍ في لحظاتٍ لأممٍ، فتستقيم لوقتٍ قصير، ثم ينقلب الأمر. 
وإذا كان في الغرب، قد حدثت استنارةٌ في كيفيَّة التَّعامل مع الأحوال المادِّيَّة للإنسان عليها، وخرجت في لحظةٍ مَّا، من سطوة رجال دينٍ استخدموا الدِّين لمصالح مادِّيَّة دنيويَّة، واستغلُّوا احترام النَّاس لهم، واحترام النَّاس لمعنى الدِّين بصورته التَّقليديَّة، واستخدموهم لنيل مآرب لهم مادِّيَّة، فأصبح الذين يتحدَّثون بالدِّين، الذي هو تعبيرٌ عن الاستنارة ورؤية الحقيقة، هم أنفسهم الذين غفلوا عن هذه الاستنارة، وبدلًا من أن يطلبوا حقيقة الحياة، طلبوا زائلها وعاجلها.
واستمرَّت هذه الاستنارة في القضايا الدُّنيويَّة، إلَّا أنَّه صاحبها غفلةٌ عن القضايا الرُّوحيَّة والغيبيَّة، وإذا كان البعض ـ أيضًا ـ في الغرب، قد رجع إلى الاستنارة الرُّوحيَّة، فإنَّه قليلٌ من كثير.
لذلك، فحين يرى الإنسان اليوم في كثيرٍ من الأمم ظلمات، فهذا أمرٌ طبيعيّ، لأنَّ هناك ليالٍ عشر، وإذا كنَّا نتكلَّم عن حقبٍ زمنيَّة، إلَّا أنَّنا أيضًا نستطيع أن نقول أنَّ التَّعبير هنا، هو موجودٌ في كلِّ حقبةٍ، فحتَّى في شدَّة الظُّلمات، هناك أناسٌ عندهم استنارةٌ وفهمٌ لمعنى حياتهم، ولمعنى وجودهم، وإنَّما هم دائمًا قلَّة "... قَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"[سبأ 13].
نقول هذا، لنذكِّر أنفسنا به حين نتأمَّل في حالنا، وفي حال مجتمعاتنا، وفي حال أرضنا، فنجد ظلماتٍ كثيرة، ونجد ظلمًا كثيرا، ونجد جهلًا كثيرا، ونجد باطلًا كثيرا، لا يجعلنا هذا نتعجَّب ممَّا يحدث، فهذا هو حال الأرض في تاريخها القديم، وفي قادمها، وأنَّ الإنسان الذي يرغب في الحياة الحقَّة، عليه أن يعكس البصر إلى داخله، وأن يبحث عمَّا يُنْجِيه.
لذلك، نجد الآيات بعد ذلك، تتَّجه إلى الإنسان، "فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ"[الفجر 15]، فالحديث هنا عن الإنسان، يُوجِّه الحقُّ حديثًا إلينا، لنتأمَّل في وجودنا، لا نقول أنَّ الدُّنيا مظلمة، وأنَّ الظلمات كثيرة، وإنَّما نقول ونتَّجه إلى أنفسنا لنعرف من نحن، ولنصحِّح نحن طريقنا، ووجهتنا، وسلوكنا، وتعاملنا.
ننظر إلى أنفسنا لنرى الظُّلمات الموجودة فينا، ولنعلم أنَّ الظُّلمات فينا كثيرة أيضًا، كما هي موجودةٌ على الأرض، فنحن من الأرض وُجِدنا، "كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا"[الفجر 20:15]، هذه هي ظلمات الإنسان.
وتوضِّح لنا هذه الآيات أيضًا، الارتباط بين هذه الحياة، إذا عاش فيها الإنسان ولم يَفِقْ إلى معنى الحقيقة فيه، بمآله، وما سيئول إليه، "كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"[الفجر 23:21].
وهذا المعنى، وإذا كان يمكن أن يُفهم به ما بعد هذه الحياة، إلَّا أنَّه يمكن أيضًا أن نتأمَّل أنَّه في حياته الظَّاهرة من رحمة الله، فإذا دُكَّ دكًّا دكَّا، دُكَّ وجوده دكًّا دكَّا، دُكَّت أرضه دكًّا دكَّا، وتجلَّى ربُّه عليه بأسبابه، بملائكته، فأظهر له نتيجة عمله، "وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ"، هي إظهار ما ستئول إليه بغفلتك عن معنى الحقِّ والحقيقة.
فـ "... يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"، فيعلم أنَّ عليه أن يستدرك ما قام فيه، فإذا كان ما فعله لا يُستدرَك، فـ "أَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"، لو أنَّه كان طاغيةً دمَّر مدنًا، وقتل أناسًا، ودمَّر شعوبًا، "أَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"، يوم تكون أفعاله غير مُستدرَكة، وقد رأى نتيجة عمله، سيكون قوله: "... يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ، وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ"[الفجر 26:24]؛ لأنَّه رأى ما سيئول إليه، سواء كان ذلك في حياته أو بعد انتقاله من هذه الحياة.
أمَّا إذا كان مِنَ الذي قدَّم لحياته، وذكر ربَّه، "وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"[الأعلى 15]،  وطمع في رحمة الله، وعرف معنى الحياة، فكان في معنى النَّفس المطمئنَّة، "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي"[الفجر 30:27].
آيات الله، تُعلِّمنا حال هذه الأرض، وتُعلِّمنا أنَّ كلَّ إنسانٍ عليه أن يُراجع نفسه، وأن ينظر إلى ما هو عليه، وأن يعلم أنَّ طبيعته فيها ظلام، ولكن لا يجعله هذا ييأس من رحمة الله، ولا من فضل الله، ولا من دعاء الله، إنَّما يلجأ إلى الله دائمًا.
هكذا، نقرأ آيات الله لنتعلَّم منها في حياتنا، وفي وجودنا، لنكون عبادًا لله حقًّا، نتأمَّل آياته، ونحاول أن نجد لها صدىً في قلوبنا، وفي وجودنا، وفي حياتنا، فتكشف لنا أسرارًا لم نكن نعلمها، ونعلم أنَّ هناك الكثير الذي لا نعلمه، "... وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ..."[البقرة 255].
نسأل الله: أن يجعلنا دائمًا أهلًا لرحمته، وأهلًا لعلمه وحكمته.
فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
__________________________
 الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نقوله اليوم: هو أن نتأمَّل في حال أرضنا، من خلال ما قصَّت علينا الآيات عن أحوال الأمم قبلنا، وأن نعلم أنَّ الظَّلام كثير، ولكن الإنسان مخاطبٌ دائمًا أن يتأمَّل في حاله ووجوده، وأن يبدأ بنفسه، وأن يعكس البصر إلى داخله ليرى من هو، وكيف هو.
ويقرأ الآيات ليعرف عن نفسه، وعن وجوده، وعن طبيعته، وعن ظلماته، فلا يُفاجأ بما هو عليه؛ لأنَّه قرأ ما علَّمه ربُّه عن وجوده، وعلَّمه أيضًا أن يتَّجه إليه، "... ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ..."[غافر 60]، "... وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ق 16]، "... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ..."[الحديد 4]، فإن وجدتم أنفسكم كذلك في ظلمات، فإنِّي في عمق هذه الظلمات، أقرب إليكم من حبل الوريد، ومعكم أينما كنتم، سوف أساعدكم إذا اتَّجهتم إليَّ، "... ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ..."، [من تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبت إليه باعًا، ومن جاءني مشيًا جئته هرولةً](1)، و "... أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"[الرعد 28]، "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ..."[البقرة 152]، [أنا أنيس من ذكرني](2).
فلا مخرج لنا إلَّا بدعاء الله، وإلَّا بذكر الله، وإلَّا بالطَّمع في رحمة الله، هكذا نتعلَّم من آيات الله، لنخرج من الظُّلمات إلى النُّور، "... الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ..."[البقرة 257]، الذين آمنوا، الذين عرفوا وجودهم، وعرفوا أنَّ طريقهم أن يستعينوا بالله، وأن يذكروا الله، وأن يشهدوا أنَّ لا إله إلَّا الله، وأن يشهدوا أنَّ محمَّدًا رسول الله، "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"[البقرة 3].
آياتٌ كثيرة، تعلِّمنا كيفيَّة الخروج من هذا النَّفق المظلم، الذي هو نفوسنا، وما فيها من ظلام، والتي ما وُجِد هذا الظَّلام إلَّا لأنَّها قائمة على هذه الأرض، فوجود هذا الظَّلام ضروريّ لبقائنا في هذا الكون، فهو وإن كان له جانبٌ سلبيّ، إلَّا أنَّه له جانبٌ إيجابيّ أيضًا، وإلَّا ما وُجِد.
لذلك، نحن نتعلَّم كيف نتعايش مع وجودنا بما فيه من ظلامٍ وبما فيه من نور، بما فيه من رحمنٍ وبما فيه من شيطان، بما فيه من حقٍّ وما فيه من باطل، هذا هو وجودنا، وهذا هو قيامنا الذي وُجِدنا فيه، وعلينا أن نعرف كيف نتعامل مع هذا الوجود ككلّ، كيف نتعامل مع هذا الوجود ككلٍّ وليس كمفرداتٍ منفصلة.
نسأل الله: أن يوفِّقنا لذلك، وأن يجعلنا أهلًا لذلك.
فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما النَّاس عليه حولنا.
اللهم ونحن نتَّجه إليك، ونتوكَّل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلَّا إليك.
اللهم فاكشف الغمَّة عنَّا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه السَّاعة ذنبًا إلَّا غفرته، ولا همًّا إلَّا فرَّجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلَّا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا.

____________________

(1)  حديث قدسي أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة :" أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ".

(2)  "أوحى الله تعالى إلى موسى، أتحب أن أسكن معك بيتك؟ فخر لله ساجدا ثم قال: فكيف يا رب تسكن معي في بيتي، فقال: يا موسى أما علمت أني جليس من ذكرني، وحيثما التمسني عبدي وجدني". ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن جابر (ضعيف).


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق