الاثنين، 20 مايو 2013

(2) الإسلام دين الإنسان: مداخل لتأكيد الدين الواحد

... عندما ندرك أننا أسرة إنسانية واحدة تتجه إلى هدف واحد لتحقق إنسانيتها، نستطيع أن نتعرف على وحدة الدين وراء اختلاف اللغات الثقافية، ويمكنن أن ندرك أن ما يجمعنا أكثر كثيرا مما يفرقنا، ولأمكننا حقا أن نحقق حلم الإنسانية منذ خلق الإنسان .. أن نعيش في سلام .. هذه هي رسالة الإسلام.

القضية التي نتعرض لها هنا هي تأكيد أن الإسلام دين آدم ، أي دين الإنسان منذ وجد الإنسان، ودين الأنبياء جميعا وسيظل الدين الواحد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
لا يختلف المسلمون في أرجاء الأرض على هذه القضية، فهي قضية اتفاق ولكن...........
كيف ندخل إلى هذه القضية دون أن نستفز من لم يولدوا في بيئة الإسلام؟
لنضع أمامنا هدف هام ألا وهو لا ينبغي أن يقودنا الإيمان بالدين الواحد إلى فرض عقيدتنا على غيرنا
هل يبدو الأمر متناقضا؟ قد يبدو كذلك ولكن ليس هناك أي تناقض إذا ما ناقشنا تكامل المداخل المختلفة التي تؤدي إلى هذا الفهم أو هذه الرؤية، وإذا ما عرضنا تعريفنا للإسلام من منظور شمولي، وليس من منظور اختزالي.
الإيمان أن هناك دينا واحد للبشر لا يعني أن يطغى أي أحد ليلغي رؤية الآخرين في عقيدتهم.
الإيمان أن هناك دينا واحدا لا يعني أن هناك رؤية واحدة وتفسير واحد لكل شيء
الإيمان أن هناك دينا واحدا يقربنا بعضنا من البعض لأننا سنبحث عن المشترك ليتعلم أحدنا من الآخر.
الإسلام ليس عقيدة جامدة أو أيديولوجيا متعالية على البشر أو فلسفة عقلية قاتلة للروح أو مجموعة من الأوامر الصماء.. الإسلام دين نكتشفه من أعماق بحثنا عن معنى الحياة ورسالتها، وسنظل نعيش لنفهم ونكتشف "الإسلام" لنحيا.
مداخل لتأكيد أن الدين واحد:
هناك مداخل كثيرة ومتكاملة تؤكد لنا أن هناك دينا واحدا.

المدخل ألأول:-  الوحدة الإنسانية التي تؤكد أنه يجمعنا صفة "الإنسانية" على الرغم من تعدد ألواننا وثقافاتنا، وجنسنا وأعراقنا. أي أننا بوصفنا بشر "إنسان" نشترك في القدرة على التمييز بين الأشياء وتصنيفها والإجماع على مباديء عامة.
1.     كلنا متفق أن قتل النفس الإنسانية جريمة، وأن الكذب رذيلة وأن الصدق فضيلة.، والعدل أفضل من الظلم، والحق نور والباطل ضلال. ومع ذلك وحتي لانكون متجاهلين الواقع فإن الثقافات قد تخلق بعض التجاوزات وتختلف على بعض التفاصيل.
2.     يجمعنا أننا في سعي دائما إلى معرفة أسرار الكون وأسرار النفس، وهذا ما أدى بالبشرية لتكوين الحضارات، وتطور العلوم، وتغيير طبيعة الحياة على الأرض لنصل إلى نوعية من الحياة غير مسبوقة.
من كان يظن أن ذلك الإنسان التائه في صحراء الأرض وأحراشها قادر على أن يخلق تلك المدنية التي نعيشها اليوم، ويخرج من التيه الذي كان فيه إلى المعرفة التي تميزه عن سائر الكائنات. ومع ذلك فهو مازال يبحث عن سر وجوده وسر الكون.. مازال يبحث عن السلام والطمئنينة والأمان، مازال غير مكتفيا بمجرد البقاء والاستمرارية ويريد أن يجد الامتلاء المعنوي والسعادة الداخلية.
أن سعي الإنسان ليكون كيانا أفضل سعي فطري وصفة رئيسية في "الإنسان" بوصفه إنسان. وهذا السعي يهيئنا لكي نحقق القيم التي توافقت عليها الإنسانية في واقعنا وحياتنا.
لهذا تنبع فكرة الدين الواحد من وحدتنا الإنسانية لأن الدين في هذا السياق هو الإرشاد الذي يدعم سعي الإنسان في نزعته نحو "الأفضل".
المدخل الثاني: -نفتح كتبنا المقدسة ومنها القرآن ونقرأ لنجد أن هناك تأكيدا على أن هناك دينا واحدا على البشر أن يتبعوه ألا وهو الإسلام. "إن الدين عند الله الإسلام".
إذا اختزلنا الإسلام هنا إلى مجموعة من الشرائع والعبادات وقعنا في دائرة من التعصب ضد من لا يتبع شرائعنا.
وقد يجمع المسلمون الذين أقروا بأن القرآن تنزيل وأن محمد بن عبد الله رسول (عليه الصلاة والسلام) أن الإسلام الذي جاء في هذه الرسالة لا بد أن ينتشر في الأرض. وقد نتفق معهم مبدئيا، ولكن نختلف معهم إذا ما اتخذوا فهمهم وتفسيرهم للإسلام ذريعة كي يطغوا ويعلنوا أفضليتهم على سائر البشر.
نختلف لماذا؟
أولا: - لأن الله وحده الحكم، وليس البشر.
ثانيا:- لأننا نفهم أن رسالة الإسلام التي جاء بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام جاءت لتجمع البشر حول "كلمة سواء"، ولم تجيء لتفرق بني الإنسان.
ثالثا:- لأن معنى "الرسالة الجامعة الخاتمة" تشير إلى مضمون الرسالة وليس شرائعها.
رابعا:- لأن الإسلام منهج واسع لا نستطيع أن نختزله في كلمات أو مجموعة من الشرائع أو العبادات.
خامسا:- لأن الله لا ينظر إلى صورنا وأشكالنا، ولكنه ينظر إلى قلوبنا.
نؤمن:
أن رسول الله (صلعم) قد أكمل وصحح وأظهر وشرح "الإسلام" كما جاء مع الرسل من قبله، فإن رسالته شامله جامعة.
أن العلم الذي حمله الرسول قد أصبح طاقة ونور قادرة على إلهام كل من يطلب المعرفة، حتى ولم يتواصل تواصلا مباشرا مع رسالة سيدنا محمد (عليه السلام)
أن كل إنسان من أي ملة أو دين قادر على أن يستفاد من تلك الرسالة ليفهم تراثه والإرشاد الروحي الذي جاء إليه.
أن النمو الروحي خبرة معاشة تقوم على رسالة الرسول.
أن القرآن قد حمل هذه المعاني وأن حياة الرسول قد فسرتها.
المدخل الثالث:
أن القرآن قد أكد أن الإسلام منهج فطري دعمته رسالات الأنبياء وأكملته رسالة الرسول، ولم يختزل القرآن تعريف "الإسلام" في مجموعة من الشرائع والأشكال.
لأن الإنسان بما هو إنسان يسعى إلى تحقيق إنسانيته فإنه يكتشف مباديء مشتركة جاءت الرسالات لتؤكدها، وهي جميعها تتغيا هدفا واحدا بمناهج وطرق متنوعة. ولهذا كان الدين واحد، وقد أطلق على هذا الدين الواحد في التبليغ لرسول الله (صلعم) "الإسلام".
هذه المداخل الثلاث تتكامل فالفطرة ترشدنا إلى رسالة الإسلام، والتنزيل يؤكد رسالة الفطرة، ويكملها ويوضحها.
كيف نستقبل ما يقوله القرآن عن "الإسلام"؟
هذا هو موضوع المدونة التالية



هناك تعليق واحد:

  1. طموح لحياة لا نهائية في جزئية " مازال يبحث عن السلام والطمأنينة والأمان، مازال غير مكتفيا بمجرد البقاء والاستمرارية ويريد أن يجد الامتلاء المعنوي والسعادة الداخلية." رغم ان الانسان بالفعل يبحث عن البقاء لكن ان يكتشف مجالا جديدا غائبا عنه فهذه انطلاقة جديدة تبعث مزيد من الجهد لاكتشافها " الامتلاء المعنوي والسعادة الداخلية " اسراء جديد لحياة الانسان فيارب ساعدنا علي اكتشافه داخلنا

    ردحذف