الأربعاء، 20 مارس 2019

علينا أن نتعامل مع الله فيما هو مشهودٌ لنا، فلا ننسب له ما لا نعرفه، ولا نُصوِّره من صورةٍ في خيالنا.


حديث الجمعة 
1 رجب 1440هـ الموافق 8 مارس 2019م
السيد/علي رافع
حمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
الحمد لله، والحمد دائمًا لله، والشُّكر دائمًا لله، والصَّلاة والسَّلام دائمًا على رسول الله.
عباد الله: إنَّ الإنسان من قديم الأزل، وهو يبحث عمَّا وراء هذا الكون، مستخدمًا في ذلك ما يملكه من أدوات، بما يستطيع أن يراه وأن يسمعه، وكلُّ ما يمكنه أن يفكر فيه ويتصوَّره، فخلق صورًا من خياله، فرسم رسمًا، وصنع صنمًا، ونسب كلَّ ما يحدث له، إلى هذا التَّصوُّر الذي تصوَّره، وبظنٍّ منه، جعل إيمانه وسيلةً ليتكاسل وليتقاعس عن أن يبحث، وأن يعمل، وأن يُغيِّر.
وظلَّت هذه الصُّورة في أعماق الإنسان، حتَّى بعد الرِّسالات السَّماويَّة وما جاءت به من كشفٍ لحقائق عن هذه الحياة، ولا زلنا نرى هذه الصُّورة في حياتنا، والتي يعتبرها البعض، هي الصُّورة المُثلى للمؤمن.
فهو الذي لا يفعل شيئًا؛ لأنَّ الله يفعل كلَّ شيء؛ ولأنَّه لا يسأل عن شيءٍ؛ لأنَّه قد أُمِر بكلِّ شيء، وأنَّه الذي لا يُغيِّر ظلامًا؛ لأنَّ الله أراد هذا الظَّلام، وأنَّ الذي يتساءل، يخرج عن الإيمان، وأنَّ الذي يبحث ويُغيِّر في الكون، يخرج عن هذا الإيمان، وأنَّ الذي يحاول أن يتأمَّل فيما يحدث له من أمورٍ تصيبه في حياته، أو تصيب أممًا وشعوبًا، يُخرِجه ذلك عن الإيمان.
فيتحوَّل الإنسان إلى كيانٍ لا يُفكِّر، ولا يعمل، ولا يُغيِّر، وإنَّما هو كائنٌ سلبيّ، ويتصوَّر الإنسان أنَّ هذا هو الإيمان. وإن كان في بعض هذه التَّصوُّرات أو الأفكار جزءٌ من الحقيقة، إلَّا أنَّ تنفيذها على أرض الواقع، يؤثِّر سلبًا على الإنسان.
إن حقائق الحياة التي نتعلَّمها، والتي هي ـ كما نقول دائمًا ـ حقائق نسبيَّةٌ، وليست حقائق مطلقة، هي ما تشهده عيوننا، وما تسمعه آذاننا، وما تعقله عقولنا، وما تستريح إليه ضمائرنا، وما تُفتِي به قلوبنا.
حقائق الحياة، هي كلُّ ما هو أحسن بالنِّسبة لنا، "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ..."[العنكبوت 46]، فلا تقولوا لهم مثلًا: إنَّ صلاتنا خيرٌ من صلاتكم، وأنَّ إيماننا خيرٌ من إيمانكم؛ لأنَّكم لا تعلمون إيمانكم ولا تعلمون إيمانهم؛ لأنَّ الإيمان هو أمرٌ مجرَّد، لا نستطيع أن نتَّفق عليه، أو نرسمه، أو نُصوِّره، كما أنَّنا لا نستطيع أن نُصورِّ الله، أو نُجسِّده، أو نقول: أنَّ الله هو كذا وكذا، ويقول آخر أمرًا مختلفًا.
إذا دخلنا في هذا، فنحن ندخل في متاهاتٍ لا نهاية لها، إنَّما ما هو أحسن، هو الحقُّ بالنِّسبة للإنسان، وما هو أحسن، هو ما نتِّفق عليه بعقولنا كبشر، وهو في حدِّ ذاته، قد يكون بين التَّقييد وبين التَّجريد، فقد نختلف أيضًا عليه، ولكن نستطيع أن نقيسه أو نحدِّده إلى حدٍّ مَّا، وهو أيضًا متغيِّرٌ بالنِّسبة للظُّروف والأحوال التي يمرُّ بها الإنسان.
إنَّما في لحظةٍ مَّا، وفي مكانٍ مَّا، وبالنِّسبة لأمَّةٍ مَّا، تستطيع هذه الأمَّة أن تُعرِّف ما هو الحقُّ بالنِّسبة لها. ولذلك، كان التَّوجيه الإلهيّ: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ..."[آل عمران 104]، والخير نسبيّ، والمعروف نسبيّ، والمنكر نسبيّ، ولكن هذه الأمَّة، في لحظةٍ مَّا، وفي مكانٍ مَّا ـ كما أشرنا ـ تُعرِّف الخير بالنِّسبة لها، وتُعرِّف المعروف بالنِّسبة لها، وتُعرِّف المنكر بالنِّسبة لها.
وحين نجد الآية التي تُعبِّر عن معنى من هذه المعاني، وسنقرأ آيتين لنعرف الفرق. حين نقرأ الآية: "... أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ..."[النساء 59]، ونقرأ الآية: "... وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ..."[آل عمران 159]. هنا، قد نجد معنيين مختلفين، أو متضادَّين.
فالذين يحاولون أن يتكلَّموا باسم الله، ويحكموا باسم الله، يستخدمون الآية: "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ"، ويُعرِّفون أولي الأمر بالحُكَّام، أو العلماء الذين يعرفون الدِّين، والذين يتكلَّمون باسم الله وباسم الرَّسول، فهم العلماء الذين عرفوا ما يريد الله وما يريد الرَّسول، وهذا ـ طبعًا ـ تعريفٌ فيه قصورٌ شديد؛ لأنَّه لا يستطيع إنسانٌ أن ينسب لنفسه ذلك، إنَّما هذا ما يقولونه.
فإذا كان، وقد قيل في حقِّ الرَّسول: "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ"، وهو أمرٌ، لو أخذناه في الزَّمان الذي كان وعاش فيه رسول الله بذاته المحمَّديَّة، كان واضحًا جليًّا وله تفسيرٌ مباشر، ولو أخذنا الآية الأخرى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ، إذًا، نرى هنا، أنَّه في الآية الأولى، الحديث موجَّهٌ للأمَّة وللجماعة وللمؤمنين الذين يحيطون برسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، وفي الآية الثَّانية، الحديث مُوجَّهٌ لرسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ.
وهنا، نرى أنَّ التَّوجيه إلى الرَّسول، مع أنَّه عَلِم وعَرِف معنى الآية الأولى: "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ"، إلَّا أنَّ التَّوجيه إليه، هو أن يشاورهم في الأمر، ليكون ذلك تعليمًا لنا مستمرًّا، أنَّه لا يستطيع أيُّ إنسانٍ بعد ذلك، أن يجيء على هذه الأرض ويقول: أنا ربُّكم الأعلى، أنا آمر فأُطاع، ولا آخذ رأي أحدٍ آخر.
والسُّنَّة الفعليَّة، التي قام بها محمَّدٌ رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ هو أنَّه كان يشاور أصحابه في الرَّأي، والقصص كثيرة في ذلك. وحين خاطب أصحابه بما ينفعهم في علاقتهم معه، لم يقل لهم: أطيعوني، وإنَّما قال لعمر: [لن تؤمن يا عمر حتَّى أكون أحبَّ إليك من مالك وولدك ونفسك التي بين جنبيك](1)، فالقضيَّة هنا، محبَّة، هي قضيَّة حبِّ الحياة، حبِّ النُّور، حبِّ الحقِّ، حبِّ أن تكون في مقامٍ أفضل.
فحبُّ الإنسان لرسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ليس حبًّا لذات، وليس حبَّا لأيِّ صورةٍ أو شكل، وإنَّما هو حبٌّ لما هو أفضل، وأحسن، وأقوم، وأعلى، وأرقى، هو للخُلُقِ العظيم، هو للخُلُقِ الكريم، هو للصِّراط المستقيم، هو للعلم والمعرفة، هو للذِّكر والتَّأمُّل والتَّدبر، هو في التَّواضع والافتقار، هو في الدُّعاء والخشية ـ حبٌّ لكلِّ هذه الصِّفات.
فيجيء شخصٌ مَّا، في بلدٍ مَّا، في زمنٍ مّا، ويقول للنَّاس: إعملوا ما أقوله لكم، ولا تستمعوا لقولٍ آخر أو لرأيٍ آخر، فالرَّأي ما أرى، والأمر ما آمر به، والحقُّ ما أعلمه أنا، وما قاله الله هو ما أقوله، وما قاله رسول الله هو ما أقوله. كيف يجرؤ إنسانٌ مَّا أن يقول ذلك؟
والتَّعامل والخطاب المُوجَّه لرسول الله، ليكون تعليمًا لكلِّ إنسانٍ تُسوِّل له نفسه أن يعتقد أنِّه الأفضل والأحسن والأقوم، يقول لرسوله: "...وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ"[الحجر 88]، "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ".
لذلك، فأيُّ أمَّةٍ، ما تبحث عنه ليس حقًّا مطلقًا، وليست صورةً مطلقة، وإنَّما هو ما تراه أنَّه الأفضل والأحسن والأقوم، بمقاييس عقليَّة، وإدراكيَّة، وحسيَّة، تُقاس وتُعتَبر ـ وهذا ما نطلق عليه، أنَّه الحقُّ بالنِّسبة لها.
والإنسان كذلك، حين يريد أن يتَّبع الحقِّ، فالحقُّ بالنِّسبة له، هو ما يعقله، وما يدركه، وما يرى فيه أنَّه الأفضل والأحسن والأقوم له ولغيره، لا يعتدي، ولا يأخذ ما ليس له، إنَّما هو في إحساسه بمسئوليَّته تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
فإذا أصابه ضرٌّ، حاول بكلِّ طاقته أن يدفع هذا الضُرّ، وإن أصابه خيرٌ حاول بكلِّ قدرته أن يحافظ على هذا الخير، وأن يكون به أهلًا للخير له ولمن حوله، هذه قيمٌ فطريَّة طبيعيَّة، قد يشذُّ عنها البعض، ولكن الأغلبيَّة العظمى من النَّاس، قد يكون فيها هذا المعنى.
عباد الله: إنَّنا نقول دائمًا: أنَّنا إذا أردنا الاستقامة، علينا أن نتعامل مع الله فيما هو مشهودٌ لنا، فلا ننسب له ما لا نعرفه، ولا نُصوِّره من صورةٍ في خيالنا، وإنَّما نؤمن به غيبًا تعالى عن أن نحيط به، ونعلم أنَّه تجلَّى علينا بآلائه، وبأحداث الحياة التي نراها، حُلوِها ومُرِّها بالنِّسبة لنا.
وفي نهاية الأمر، كلُّنا مغادرون، فالمُرُّ لن يبقى إلى الأبد بالنِّسبة لأيِّ إنسانٍ على هذه الأرض، ومفارقة الأرض، هي الحقيقة الوحيدة التي نستطيع أن نجتمع عليها، أنَّنا جميعنا مغادرون، وأنَّ ما نراه من أزماتٍ، ومن كوارث، ومن أمورٍ مختلفة، آخرها بالنِّسبة لأيِّ إنسان، هو أنَّه سيغادر هذه الأرض، وهو مغادرها إن لم يكن اليوم فغدًا.
المشكلة الكبرى، هي في المعاناة التي يعانيها البشر على هذه الأرض، ولكنَّها في نفس الوقت، هي تجارب إنسانيَّة، وهي محاولةٌ للرُّقيّ بالإنسان من داخله، ولا يعني هذا، أنَّنا إن كنَّا نستطيع أن نرفع هذه الغمَّة، وهذا الفقر، وهذه المعاناة، وهذا الجهل ـ ألَّا نفعل ذلك، بظنِّ أنَّ الله أراد ذلك، فكيف نُغيِّر في الأرض؟ وجب علينا أن نُغيِّر في الأرض، ما نرى أنَّه فيه معاناة وفيه شرٌّ للإنسان في أيِّ مكانٍ وفي أيِّ زمان، وهذا لا يتعارض مع إيماننا بأنَّ الله من وراء كلِّ شيءٍ بإحاطته.
فحدودنا، هي حدود مقدرتنا، وهذا معنى الآية: "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا..."[البقرة 286]، لا ينبغي أن تغضب وتقول: كيف يكون ذلك؟ لماذا هذا الظُّلم؟ وإنَّما عليك أن تحاول أن ترفع هذا الظُّلم بقدر ما تستطيع، لا تَلم الله أنَّه أقام هذا الظُّلم، ولكن حاول أنت أن تُقوِّم وأن ترفع هذا الظُّلم في حدود قدراتك وإمكاناتك، وإذا استمرَّ، فهذا أمرٌ طبيعيّ، أن يكون على هذه الأرض دائمًا عدلٌ وظلم، خيرٌ وشرّ، نورٌ وظلام ـ كلُّ المتناقضات موجودةٌ بدرجاتٍ مختلفة.
فلنحاول جميعًا أن نتوافق مع هذه المتقلِّبات، وهذه المتغيِّرات، وهذه المتناقضات، بحيث نسأل أنفسنا: ما نستطيع أن نُقدِّمه لنرفع ما نرى أنَّه فيه ظلم، وأن نساعد بكلِّ طاقاتنا ما نرى أنَّه فيه عدل؟
نسأل الله: أن يوفِّقنا لما فيه خيرنا، ولما فيه صلاحنا.
فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نقوله اليوم: هو تأمُّلٌ في واقع حياتنا، وفي واقع أمرنا، وفيما هو الحقُّ بالنِّسبة لنا، وكيف نتعامل مع ما على هذه الأرض من متناقضاتٍ ومن اختلافات، وكيف تكون علاقتنا بالله مُنَزَّهةً عن أيِّ صورةٍ وعن أيِّ شكل، وأنَّ تعاملنا مع ما يظهر لنا، هو برؤيتنا وبعقلنا وبقلبنا، تجاه ما يحدث حولنا.
فإذا رأينا شرًّا، حاولنا بكلِّ الطُّرق أن نرفعه بأيدينا، وبكلامنا، وبقلوبنا، بدعائنا، بكلِّ ما نملك من أدوات. وطاقاتنا محدودة، لذلك، فلا نيأس إن لم نستطع أن نُغيِّر ما نراه أمامنا، وإنَّما نظلُّ نحاول دائمًا.
وننظر إلى أنفسنا، وهي مملكتنا ووجودنا، ونحاول أيضًا أن نُغيِّر فيها ما نستطيع أن نُغيِّره، إلى ما هو أفضل وأحسن وأقوم، وقد نستطيع وقد لا نستطيع، فإذا لم نستطع، لا نيأس من رحمة الله، وإنَّما نتَّجه إليه دائمًا بالدُّعاء، محاولين أوَّلا بإرادتنا وبأدوات وجودنا، أن نُغيِّر ما نحن عليه، وفي نفس الوقت، متلازمًا مع ذلك، ندعو الله دائمًا.
ولذلك، كانت كلُّ العبادات، هي وسيلةٌ لممارسة الدُّعاء، والاستمراريَّة فيها، في توقيتاتٍ متتالية، سواء على مستوى اليوم، أو مستوى العام، أو مستوى العمر، هي محاولاتٌ من الإنسان، أن يكون في صلةٍ دائمةٍ بالله، حتَّى يُغيِّر بهذا الدُّعاء وبهذا المدد الذي يتلقَّاه، ما هو شرٌّ فيه، وأن يُثبِّت كل ما هو خيرٌ فيه، ولا يَأْس من رحمة الله.
لذلك، نقول دائمًا: أنَّنا علينا المواظبة على ذلك، مهما فعلنا، ومهما حدث منَّا، فهذه مجاهدةٌ في الله. ومن ظلَّ على ذلك، غير مستسلمٍ لما فيه من ظلام، يكون في معنى الجهاد وفي معنى الشَّهادة، "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"[آل عمران 169]. فالمهمُّ أن نحفظ علينا جهادنا وطلبنا ودعاءنا، دائمًا وأبدًا.
نسأل الله: أن يحقِّق لنا ذلك، وأن يجعلنا دائمًا في دعاء، وفي رجاء، وفي طلب، وفي عملٍ أيضًا، وفي محاولةٍ دائمة لأن نُغيِّر ما هو ظلام، إلى ما هو نور.
فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه النَّاس حولنا.
اللهم ونحن نتَّجه إليك، ونتوكَّل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلَّا إليك.
اللهم فاكشف الغمَّة عنَّا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنَّا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه السَّاعة ذنبًا إلَّا غفرته، ولا همًّا إلَّا فرَّجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلَّا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنَّا.
يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا.
_______________________
(1)  كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شيءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لَا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ." الراوي: عبدالله بن هشام، المحدث: البخاري، المصدر : صحيح البخاري، خلاصة حكم المحدث: صحيح




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق