- أعد للنشر بواسطة: علياء رافع
هل الطلب من الله بالدعاء هو تجاوز من الإنسان لحدوده مع الله، حيث أنني افهم أن كل ما يأتي الله به خير، فكيف للإنسان أن يطلب شيئا من الله مع قيام هذا الفهم؟
إجابة: القضية هي قضية انفعال الإنسان وصدقه، فهو إذا شعر أن ما يطلبه فيه خير، فهو يتحرك لتحقيق طلبه، وهنا يصبح الدعاء عملا، والعمل يستوجب من الإنسان حركة في الاتجاه الذي يراه صوابا .. فهو إذا شعر أن حدوث شئ هو "ما هو خير"، وأن حدوث هذا الشيء ليس في مقدرته البشرية أن يحققه بعمل مباشر، فعليه أن يدعو الله أن يحقق له هذا الخير على ما يراه.
من ناحية الغيب قد يكون هذا الطلب ليس في صالح الإنسان، ويكون الأفضل له أن تظل الأحوال على ما هي عليه، ولكن من ناحية التقييد هو لا يستطيع أن يضع هذه الفروض أو هذه المعرفة المجهولة عليه موضعا يقعده عما يراه انه الخير، ولهذا عليه أن يتحرك بالعمل أو بالدعاء أما النتائج فليترك لله أمره فيها.
ونحن إذا وسعنا القضية بعض الشيء، نجد أن الأمر أو المطلوب من الإنسان هو الاستقامة في الأسباب والتحرك من اجل تحقيق غايته عن طريق العمل، الذي هو سبب لحدوث الخير المنتظر، ولكن النتيجة هي خلاصة كلية لارادة إلهية، هي موضع إيمان ولكنها ليست قيودا أفرضها على نفسي بحيث أمنع نفسي من الحركة سواء كانت عملا مباشرا أو دعاء.
الله فعال لما يريد حقا وذلك بحركتي وبقدرتي وبعملي. و لذا فهو وراء انفعالي و نيتي و وراء همتي و عزيمتي، ولكن من ناحية التقييد فإن كل فعل هو مسئولية الإنسان الذي يقوم به.
المهم في الأمر هو أن الإنسان يكون صادقا في رؤيته، وفي نيته. من هنا لا يجب أن نعتبر الدعاء تجاوزا مع الله وهو القائل "أجيب دعوة الداع إذا دعان " {البقرة(2): 186}و القائل "فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون"{الأنعام(6):42}. الإنسان الذي يمتنع عن الدعاء يصبح لسان حاله أنه في حالة استغناء.
ونحن نقرأ في أسوة رسول الله مثلا في الاستقامة فيما يراه خيرا فعندما يخاطبه الله "إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم " فماذا يقول، يجيب الرسول:" سأزيد ". هل هنا يقف ضد قضاء الله. طبعا ليس الأمر بهذا الشكل، ولكنه يتفاعل مع ما يراه الخير ومع ما يراه الرحمة.
قضاء الله ليس بعيدا عن الأسباب .. نحن أدوات لنحقق قضاء الله .. إذا كان هناك طبيبا نجح في علاج مريض، فهذا قضاء الله، ولكن أن يترك المريض يتألم لأن الله سيشفيه، فهذا تغييب عن منطق الأسباب الذي يدل على جهالة بقانون الله. وقد يكون هناك مرض بسيط، ولكن 0يخطئ الأطباء في التشخيص و يسببون مشاكل تؤدى إلى المزيد من الآلام .. هنا ندرك أن الأمر ليس في يد الإنسان كاملا وأن التوفيق من الله. ولكن هذا الإدراك لا يمنع الطبيب من أنه يحاول أن يجتهد في التشخيص و في العلاج، وأن يلوم نفسه على الأخطاء التي ارتكبها في الحالة الثانية وأن يجتهد ألا يعيد خطأه وهكذا.
استفسار: ولكن مهما فعلنا وكانت إرادة الله غير ما نريد لن نستطيع أن نصل إلى ما نريد.
إجابة: هذا السؤال بهذا الوضع خطأ .. مثلما حدث في الفكر الإسلامي وتنازع المتكلمون حول قضية التخيير والتسيير أي هل الإنسان مخير أم مسير؟ إذا كان السؤال خطأ فستكون الإجابة أيضا خطأ. و ذلك مثلما أضع الحياة كلها في كلمتين إما .. أو .. بينما الواقع يشهد أن هناك الكثير من التشابك ومن العلاقات ومن المتغيرات التي لم اذكرها. فهذا الاختزال الفكري يسبب بلبلة كبرى.
و لنبدأ من الواقع المشهود، أليس لكل منا إرادة حقيقية يستطيع بها أن يتحرك وأن يقرر وأن يتخذ الخطوات التي من اجلها يحقق ما قرره؟ .. ألم نجتمع اليوم بناء على إرادة كل منا؟ .. ألم نتخذ الوسيلة المناسبة حتى نجئ من المكان الذي كنا فيه لنصل إلى هذا المكان؟.. ألا يعرف كل من الحاضرين ماذا سيفعل غدا أو بعد لحظات عندما ينفض هذا الاجتماع؟
هل من المعقول أن نلغى هذه الإرادة و ننفيها تماما؟ .. هذا فيه تجاوز غير مقبول.
الله أراد .. هذا حق .. ولكن هذا على مستوى التجريد على مستوى الإيمان لأنني لا يجب أن أضع إرادة الله تابعة لإرادتي، ولهذا أقول " وما توفيقي إلا بالله "، " وما تشاءون إلا أن يشاء الله " {التكوير(81): 29} " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه "{البقرة(2): 255} . إذن من منطلق التجريد و من منطلق الخشية والإيمان لا يحدث شيئا في الكون إلا وهو في علم وبعلم الله، وبإرادة الله.
ليس الأمر هو وضع موقف بين خيارين إما أن أكون مسيرا، و إما أن أكون مخيرا .. لأنني الاثنين معا.. ولكن أهم من هذا هو أن اتحمل المسئولية كاملة عن كل فعل أقوم به من منطلق التقييد، لأني لي إرادة ولى عقل ولى قدرات و جوارح تعمل. وفي نفس الوقت وعلى نفس المستوى أن أؤمن أن هناك قوة غيبية تعمل وراء كل شئ، وتخلق الأسباب. وهذا ما يجعل الإنسان يشكر الله دائما على توفيقه له إذا احسن، ويستغفره إذا أساء.
هذا السؤال الذي تسألونه يجئ بصورة مختلفة مثل: هل للإنسان وجود مع وجود الله؟
نعم ولا، الإنسان له وجود .. لأن له ذاتا، ولأنه يتحمل مسئولية ويحسن ويسئ ويخطئ ويصيب. والإنسان ليس له وجود مع وجود الله، لأنه في هذا الكون هو يتحرك في ظل خطة إلهية محكمة، ويؤدى الرسالة التي هو منوط به أن يؤديها.
هذا الإدراك لا يجب أن يقعده عن الاستقامة في الأسباب.. مثلا إذا وجد جريمة وكان في مقدرته أن يمنعها .. هل يستوقفه التفكير فيما إذا كان الله يريد أن هذا الإنسان يقتل فيتركه أو أن الله يريد أن ينجيه فيقوم بمنع الجريمة؟!.. الإنسان السوي سيتحرك مباشرة نحو منع هذه الجريمة .. قذ ينجح وقد لا ينجح، قد يصاب هو بضر لم يكن متوقعه.. ولكنها مسئوليته أن يدفع الأذى، وإلا أصبح مشتركا هو نفسه في هذه الجريمة .. هذا هو المنطق المقبول لكل ذي عقل سليم.
وهذا المنطق لا يخترق منطقة الإيمان .. أن الله وراء كل شئ.
إذن أن ادفع السوء، وأن أحارب الباطل وأنشر كلمة الحق هي واجبات ومسئوليات قد أنجح وقد أفشل في الوصول إليها كغايات، ولكن المهم في الأمر أنني استقمت بصدق مع رؤيتي واتجهت نحو الغاية التي أرى أنها تمثل لي الخير. و عملت بكل أدواتي .. عقلي بالفكر .. وجسدى بالعمل .. وقلبى بالدعاء.
من ناحية الغيب قد يكون هذا الطلب ليس في صالح الإنسان، ويكون الأفضل له أن تظل الأحوال على ما هي عليه، ولكن من ناحية التقييد هو لا يستطيع أن يضع هذه الفروض أو هذه المعرفة المجهولة عليه موضعا يقعده عما يراه انه الخير، ولهذا عليه أن يتحرك بالعمل أو بالدعاء أما النتائج فليترك لله أمره فيها.
ونحن إذا وسعنا القضية بعض الشيء، نجد أن الأمر أو المطلوب من الإنسان هو الاستقامة في الأسباب والتحرك من اجل تحقيق غايته عن طريق العمل، الذي هو سبب لحدوث الخير المنتظر، ولكن النتيجة هي خلاصة كلية لارادة إلهية، هي موضع إيمان ولكنها ليست قيودا أفرضها على نفسي بحيث أمنع نفسي من الحركة سواء كانت عملا مباشرا أو دعاء.
الله فعال لما يريد حقا وذلك بحركتي وبقدرتي وبعملي. و لذا فهو وراء انفعالي و نيتي و وراء همتي و عزيمتي، ولكن من ناحية التقييد فإن كل فعل هو مسئولية الإنسان الذي يقوم به.
المهم في الأمر هو أن الإنسان يكون صادقا في رؤيته، وفي نيته. من هنا لا يجب أن نعتبر الدعاء تجاوزا مع الله وهو القائل "أجيب دعوة الداع إذا دعان " {البقرة(2): 186}و القائل "فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون"{الأنعام(6):42}. الإنسان الذي يمتنع عن الدعاء يصبح لسان حاله أنه في حالة استغناء.
ونحن نقرأ في أسوة رسول الله مثلا في الاستقامة فيما يراه خيرا فعندما يخاطبه الله "إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم " فماذا يقول، يجيب الرسول:" سأزيد ". هل هنا يقف ضد قضاء الله. طبعا ليس الأمر بهذا الشكل، ولكنه يتفاعل مع ما يراه الخير ومع ما يراه الرحمة.
قضاء الله ليس بعيدا عن الأسباب .. نحن أدوات لنحقق قضاء الله .. إذا كان هناك طبيبا نجح في علاج مريض، فهذا قضاء الله، ولكن أن يترك المريض يتألم لأن الله سيشفيه، فهذا تغييب عن منطق الأسباب الذي يدل على جهالة بقانون الله. وقد يكون هناك مرض بسيط، ولكن 0يخطئ الأطباء في التشخيص و يسببون مشاكل تؤدى إلى المزيد من الآلام .. هنا ندرك أن الأمر ليس في يد الإنسان كاملا وأن التوفيق من الله. ولكن هذا الإدراك لا يمنع الطبيب من أنه يحاول أن يجتهد في التشخيص و في العلاج، وأن يلوم نفسه على الأخطاء التي ارتكبها في الحالة الثانية وأن يجتهد ألا يعيد خطأه وهكذا.
استفسار: ولكن مهما فعلنا وكانت إرادة الله غير ما نريد لن نستطيع أن نصل إلى ما نريد.
إجابة: هذا السؤال بهذا الوضع خطأ .. مثلما حدث في الفكر الإسلامي وتنازع المتكلمون حول قضية التخيير والتسيير أي هل الإنسان مخير أم مسير؟ إذا كان السؤال خطأ فستكون الإجابة أيضا خطأ. و ذلك مثلما أضع الحياة كلها في كلمتين إما .. أو .. بينما الواقع يشهد أن هناك الكثير من التشابك ومن العلاقات ومن المتغيرات التي لم اذكرها. فهذا الاختزال الفكري يسبب بلبلة كبرى.
و لنبدأ من الواقع المشهود، أليس لكل منا إرادة حقيقية يستطيع بها أن يتحرك وأن يقرر وأن يتخذ الخطوات التي من اجلها يحقق ما قرره؟ .. ألم نجتمع اليوم بناء على إرادة كل منا؟ .. ألم نتخذ الوسيلة المناسبة حتى نجئ من المكان الذي كنا فيه لنصل إلى هذا المكان؟.. ألا يعرف كل من الحاضرين ماذا سيفعل غدا أو بعد لحظات عندما ينفض هذا الاجتماع؟
هل من المعقول أن نلغى هذه الإرادة و ننفيها تماما؟ .. هذا فيه تجاوز غير مقبول.
الله أراد .. هذا حق .. ولكن هذا على مستوى التجريد على مستوى الإيمان لأنني لا يجب أن أضع إرادة الله تابعة لإرادتي، ولهذا أقول " وما توفيقي إلا بالله "، " وما تشاءون إلا أن يشاء الله " {التكوير(81): 29} " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه "{البقرة(2): 255} . إذن من منطلق التجريد و من منطلق الخشية والإيمان لا يحدث شيئا في الكون إلا وهو في علم وبعلم الله، وبإرادة الله.
ليس الأمر هو وضع موقف بين خيارين إما أن أكون مسيرا، و إما أن أكون مخيرا .. لأنني الاثنين معا.. ولكن أهم من هذا هو أن اتحمل المسئولية كاملة عن كل فعل أقوم به من منطلق التقييد، لأني لي إرادة ولى عقل ولى قدرات و جوارح تعمل. وفي نفس الوقت وعلى نفس المستوى أن أؤمن أن هناك قوة غيبية تعمل وراء كل شئ، وتخلق الأسباب. وهذا ما يجعل الإنسان يشكر الله دائما على توفيقه له إذا احسن، ويستغفره إذا أساء.
هذا السؤال الذي تسألونه يجئ بصورة مختلفة مثل: هل للإنسان وجود مع وجود الله؟
نعم ولا، الإنسان له وجود .. لأن له ذاتا، ولأنه يتحمل مسئولية ويحسن ويسئ ويخطئ ويصيب. والإنسان ليس له وجود مع وجود الله، لأنه في هذا الكون هو يتحرك في ظل خطة إلهية محكمة، ويؤدى الرسالة التي هو منوط به أن يؤديها.
هذا الإدراك لا يجب أن يقعده عن الاستقامة في الأسباب.. مثلا إذا وجد جريمة وكان في مقدرته أن يمنعها .. هل يستوقفه التفكير فيما إذا كان الله يريد أن هذا الإنسان يقتل فيتركه أو أن الله يريد أن ينجيه فيقوم بمنع الجريمة؟!.. الإنسان السوي سيتحرك مباشرة نحو منع هذه الجريمة .. قذ ينجح وقد لا ينجح، قد يصاب هو بضر لم يكن متوقعه.. ولكنها مسئوليته أن يدفع الأذى، وإلا أصبح مشتركا هو نفسه في هذه الجريمة .. هذا هو المنطق المقبول لكل ذي عقل سليم.
وهذا المنطق لا يخترق منطقة الإيمان .. أن الله وراء كل شئ.
إذن أن ادفع السوء، وأن أحارب الباطل وأنشر كلمة الحق هي واجبات ومسئوليات قد أنجح وقد أفشل في الوصول إليها كغايات، ولكن المهم في الأمر أنني استقمت بصدق مع رؤيتي واتجهت نحو الغاية التي أرى أنها تمثل لي الخير. و عملت بكل أدواتي .. عقلي بالفكر .. وجسدى بالعمل .. وقلبى بالدعاء.