- خطبة الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 9 محرم 1426هـ
- أعد للنشر بواسطة: عائشة رافع
عباد الله.. إن في سيرة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه رسالة لنا:
" إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي. فإنهما لن يفترقا أبدا[1]"
إذا تأملنا وقرأنا كتاب الله آخذين سنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كتطبيق عملي في حياتنا وفي سلوكنا وفي معاملاتنا لهدانا الله إلى طريق الصلاح والفلاح:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (النحل 16: 90)
ورسول الله يوضح لنا ذلك في سيرته العطرة وفي سلوكه على هذه الأرض.
كانت دعوة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه تحمل هذه المعاني التي علمنا الله إياها في كتابه العزيز.
كانت دعوته للعدل وتطبيق العدل في حياة الإنسان وفي سلوك الإنسان وفي معاملات الإنسان. والعدل له معان كثيرة على مستويات مختلفة: عدل الإنسان مع الآخرين، وعدل الإنسان في وجوده. والعدل هو اتزان وهو ميزان:
كانت دعوة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه تحمل هذه المعاني التي علمنا الله إياها في كتابه العزيز.
كانت دعوته للعدل وتطبيق العدل في حياة الإنسان وفي سلوك الإنسان وفي معاملات الإنسان. والعدل له معان كثيرة على مستويات مختلفة: عدل الإنسان مع الآخرين، وعدل الإنسان في وجوده. والعدل هو اتزان وهو ميزان:
{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين 83: 1-3)
{وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَان} (الرحمن 55: 7-9)
ولكن الناس بظلامهم وبجهلهم وبرغبتهم في عاجل أمرهم لا يريدون الميزان، ولا يريدون العدل، ولا يريدون القسط.
كانت دعوته صلوات الله وسلامه عليه أن أقيموا العدل.. أقيموا العدل بينكم.
انظروا إلى احتياجات غيركم لا تنظروا فقط إلى احتياجكم.
انظروا إلى البشر حولكم .. انظروا إلى سر الله في كل كائن خلقه الله في أرضكم.
انظروا إلى بيئتكم وطبيعتكم:
كانت دعوته صلوات الله وسلامه عليه أن أقيموا العدل.. أقيموا العدل بينكم.
انظروا إلى احتياجات غيركم لا تنظروا فقط إلى احتياجكم.
انظروا إلى البشر حولكم .. انظروا إلى سر الله في كل كائن خلقه الله في أرضكم.
انظروا إلى بيئتكم وطبيعتكم:
"لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى[2]
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ} (الإسراء 17: 70)
البشر كلهم سواء: لا يتخذ بعضكم بعضاً أربابا من دون الله.
الملك لله .. لا إله إلا الله.
إن دعوة لا إله إلا الله هي دعوة للعدل:
الملك لله .. لا إله إلا الله.
إن دعوة لا إله إلا الله هي دعوة للعدل:
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا}
(البقرة 2: 256)
إن أهل مكة يوم رفضوا دعوة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه رفضوها لأنها كانت تدعو إلى تغيير جذري في حياتهم وفي سلوكهم وفي معاملاتهم.
ليست القضية محصورة فقط في شكل لعبادة أو في طقوس يقومون بها أو في أوثان وأصنام يقدسونها وإنما كانت في تحرير للفكر، وتحرير للجسد، وتحرير للقلب من أن يكون عبدا لشهواته ولرغباته في الامتلاك وفي التحكم وفي السيادة وفي المال.
رفضوا هذه الدعوة لأنها تزلزل أركان مجتمعهم وتزلزل سيادتهم وسلطتهم.
وهي دعوة قائمة إلى اليوم يدعوها كل صادق وكل عارف وكل عالم.. كل من يخشى الله ويتقي الله:
ليست القضية محصورة فقط في شكل لعبادة أو في طقوس يقومون بها أو في أوثان وأصنام يقدسونها وإنما كانت في تحرير للفكر، وتحرير للجسد، وتحرير للقلب من أن يكون عبدا لشهواته ولرغباته في الامتلاك وفي التحكم وفي السيادة وفي المال.
رفضوا هذه الدعوة لأنها تزلزل أركان مجتمعهم وتزلزل سيادتهم وسلطتهم.
وهي دعوة قائمة إلى اليوم يدعوها كل صادق وكل عارف وكل عالم.. كل من يخشى الله ويتقي الله:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (فاطر 35: 28)
هذه الدعوة وجدت القليلين الذين استجابوا لها لأنها وصلت إلى قلوبهم وعقولهم فآمنوا بها.
أما الآخرون فكانت قلوبهم غُلف لم تصل الدعوة إليها. إنهم بيئة غير صالحة. إنهم بيئة لا تقبل كلمة الحق أن تزرع فيها. فما هو العمل؟ وما هي الوسيلة؟ وما هو القانون الذي يتعامل الإنسان معه في هذه الحالة؟
عليه أن يبحث عن بيئة صالحة يستطيع أن يزرع فيها كلمة الحق. لا يعاند القانون. فنحن نعلم جميعاً أن العبودية لله هي وسيلة التعامل في هذه الأرض. وأن "الربوبية" ليست صالحة للتعامل على هذه الأرض: أن تلعب أنك رب تريد أن تغير القانون، وتريد البذرة أن تنمو في تربة غير صالحة لا يمكن أن يفلح.
إن الوسيلة الوحيدة هي أن تبحث عن التربة الصالحة وعن البيئة الصالحة وعن المجتمع الصالح الذي يمكنك أن تزرع فيه هذه الكلمة فكانت هجرته صلوات الله وسلامه عليه تعبيرا عن هذا القانون: البحث عن البيئة الصالحة، أو التي يمكن أن تستصلح. فكانت يثرب هي المكان الذي هيأه الله لهذه الدعوة ولهذه الكلمة أن تجد طريقها من خلال هذا المجتمع. أمره الله أن يهاجر. إنها نقطة فاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية. وهي نقطة فاصلة في تاريخ كل إنسان يبحث عن الحقيقة، ويبحث عن أن يكون نواة صالحة في بيئة صالحة.
هاجر الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى يثرب وهي وإن تكن أرضا فيها أيضا بعض الخلافات وبعض الظلام وبعض الصراعات إلا أنها يمكن أن تستصلح ويمكن أن تُغَير.
بدأ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه دعوته بأن أسس مكاناً .. مسجداً يجتمع فيه من يريدون الصلاح ومن يريدون الفلاح. فكان المسجد هو رمز للبيئة الصالحة الذي يجتمع فيه الصالحون أو الذين يرغبون في الصلاح. إنه المكان الذي يشفي القلوب ويطهر النفوس ويقوم العقول. إنه المكان الذي يتعلم فيه الطالبون الراغبون المحبون المؤهلون لأن يحدث تغيير جذري في وجودهم. في هذا المسجد الكريم كان العلم وكان التعليم وكان التدريب وكان التوجيه وكان الإرشاد وكان الإصلاح.
إن بداية أي دعوة صالحة هي في إعداد من يقومون بهذه الدعوة.. في إعداد الرجال.. في إعداد العباد.. في إعداد المجاهدين المجتهدين وفي إعداد المجتمع كله ليكون مجتمعاً صالحاً يقوم فيه العدل. يتعامل الناس فيه بالعدل: يتعامل الحاكم مع المحكوم بالعدل، يتعامل الإنسان مع الإنسان بالعدل، يتعامل الإنسان مع الكائنات بالعدل، يتعامل الإنسان مع الذي يختلف معه بالعدل.
مجتمع المدينة كان فيه المسلمون وكان فيه غير المسلمين. كان فيه اليهود وكان الاتفاق معهم بالعدل وبالحسنى. لم يكن بالقهر ولم يكن بالقوة ولم يكن بالعنف وإنما كان بالعدل.
الهجرة كانت بداية لمجتمع صالح فالح فيه كل القيم التي تساعد على أن تنمو كلمة الحق في كل مناحي الحياة: في النواحي السياسية .. في وجود الحاكم الزمني لم يفرض رسول الله صلوات الله وسلامه عليه نفسه على المجتمع المدني، وإنما هم الذين اختاروه ليقودهم فكان الاختيار من الأمة وكانت البيعة من الأمة: "كيف لا نختار لأمور دنيانا من اختاره الله لأمور ديننا". كان هذا حالهم وكان هذا قيامهم.
في النواحي الاقتصادية جاء المهاجرون إلى المدينة وهم لا يملكون شيئا فقد تركوا وراءهم كل شيء، فأصبح المجتمع فيه من يملكون وفيه من لا يملكون فآخى الرسول بين المهاجرين والأنصار، فاقتسم الأنصار ما يملكون مع المهاجرين ليـبنوا معاً مجتمعهم عن رضا، دون غصب ودون قهر.
وظهرت هنا فئة هي فئة المنافقين الذين لم يقبلوا هذا الحال. وهذا حال يمكن أن يوجد في كل مجتمع. صبر الرسول عليهم وانتظر وأنذرهم: إن كانوا لا يؤمنون بشيء أو لا يريدون شيئا فهذا حالهم، لم يحاسبهم على ما في قلوبهم من بغض أو كره وإنما تركهم. كان حسابهم على ما يفعلون في خروجهم عن القانون الذي ارتضاه الجميع بينهم.
وهذا أسلوب في التعامل مع المخالفين: يجب ألا يأخذ الحاكم الناس بنـياتهم أو حتى بكلامهم إلا إذا تحول هذا الكلام وهذه النية إلى تخريب بحق مجتمعهم.
وبدأ الجميع يعملون وينتجون، يزرعون ويصنعون ويتاجرون.
في النواحي الاجتماعية جاءت الأحكام التي تحث على الزكاة وعلى الصدقات وعلى التكافل. الكل ينظر إلى الآخر .. ينظر إلى جاره .. ينظر إلى إخوانه .. يوصي الجار بالجار:
أما الآخرون فكانت قلوبهم غُلف لم تصل الدعوة إليها. إنهم بيئة غير صالحة. إنهم بيئة لا تقبل كلمة الحق أن تزرع فيها. فما هو العمل؟ وما هي الوسيلة؟ وما هو القانون الذي يتعامل الإنسان معه في هذه الحالة؟
عليه أن يبحث عن بيئة صالحة يستطيع أن يزرع فيها كلمة الحق. لا يعاند القانون. فنحن نعلم جميعاً أن العبودية لله هي وسيلة التعامل في هذه الأرض. وأن "الربوبية" ليست صالحة للتعامل على هذه الأرض: أن تلعب أنك رب تريد أن تغير القانون، وتريد البذرة أن تنمو في تربة غير صالحة لا يمكن أن يفلح.
إن الوسيلة الوحيدة هي أن تبحث عن التربة الصالحة وعن البيئة الصالحة وعن المجتمع الصالح الذي يمكنك أن تزرع فيه هذه الكلمة فكانت هجرته صلوات الله وسلامه عليه تعبيرا عن هذا القانون: البحث عن البيئة الصالحة، أو التي يمكن أن تستصلح. فكانت يثرب هي المكان الذي هيأه الله لهذه الدعوة ولهذه الكلمة أن تجد طريقها من خلال هذا المجتمع. أمره الله أن يهاجر. إنها نقطة فاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية. وهي نقطة فاصلة في تاريخ كل إنسان يبحث عن الحقيقة، ويبحث عن أن يكون نواة صالحة في بيئة صالحة.
هاجر الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى يثرب وهي وإن تكن أرضا فيها أيضا بعض الخلافات وبعض الظلام وبعض الصراعات إلا أنها يمكن أن تستصلح ويمكن أن تُغَير.
بدأ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه دعوته بأن أسس مكاناً .. مسجداً يجتمع فيه من يريدون الصلاح ومن يريدون الفلاح. فكان المسجد هو رمز للبيئة الصالحة الذي يجتمع فيه الصالحون أو الذين يرغبون في الصلاح. إنه المكان الذي يشفي القلوب ويطهر النفوس ويقوم العقول. إنه المكان الذي يتعلم فيه الطالبون الراغبون المحبون المؤهلون لأن يحدث تغيير جذري في وجودهم. في هذا المسجد الكريم كان العلم وكان التعليم وكان التدريب وكان التوجيه وكان الإرشاد وكان الإصلاح.
إن بداية أي دعوة صالحة هي في إعداد من يقومون بهذه الدعوة.. في إعداد الرجال.. في إعداد العباد.. في إعداد المجاهدين المجتهدين وفي إعداد المجتمع كله ليكون مجتمعاً صالحاً يقوم فيه العدل. يتعامل الناس فيه بالعدل: يتعامل الحاكم مع المحكوم بالعدل، يتعامل الإنسان مع الإنسان بالعدل، يتعامل الإنسان مع الكائنات بالعدل، يتعامل الإنسان مع الذي يختلف معه بالعدل.
مجتمع المدينة كان فيه المسلمون وكان فيه غير المسلمين. كان فيه اليهود وكان الاتفاق معهم بالعدل وبالحسنى. لم يكن بالقهر ولم يكن بالقوة ولم يكن بالعنف وإنما كان بالعدل.
الهجرة كانت بداية لمجتمع صالح فالح فيه كل القيم التي تساعد على أن تنمو كلمة الحق في كل مناحي الحياة: في النواحي السياسية .. في وجود الحاكم الزمني لم يفرض رسول الله صلوات الله وسلامه عليه نفسه على المجتمع المدني، وإنما هم الذين اختاروه ليقودهم فكان الاختيار من الأمة وكانت البيعة من الأمة: "كيف لا نختار لأمور دنيانا من اختاره الله لأمور ديننا". كان هذا حالهم وكان هذا قيامهم.
في النواحي الاقتصادية جاء المهاجرون إلى المدينة وهم لا يملكون شيئا فقد تركوا وراءهم كل شيء، فأصبح المجتمع فيه من يملكون وفيه من لا يملكون فآخى الرسول بين المهاجرين والأنصار، فاقتسم الأنصار ما يملكون مع المهاجرين ليـبنوا معاً مجتمعهم عن رضا، دون غصب ودون قهر.
وظهرت هنا فئة هي فئة المنافقين الذين لم يقبلوا هذا الحال. وهذا حال يمكن أن يوجد في كل مجتمع. صبر الرسول عليهم وانتظر وأنذرهم: إن كانوا لا يؤمنون بشيء أو لا يريدون شيئا فهذا حالهم، لم يحاسبهم على ما في قلوبهم من بغض أو كره وإنما تركهم. كان حسابهم على ما يفعلون في خروجهم عن القانون الذي ارتضاه الجميع بينهم.
وهذا أسلوب في التعامل مع المخالفين: يجب ألا يأخذ الحاكم الناس بنـياتهم أو حتى بكلامهم إلا إذا تحول هذا الكلام وهذه النية إلى تخريب بحق مجتمعهم.
وبدأ الجميع يعملون وينتجون، يزرعون ويصنعون ويتاجرون.
في النواحي الاجتماعية جاءت الأحكام التي تحث على الزكاة وعلى الصدقات وعلى التكافل. الكل ينظر إلى الآخر .. ينظر إلى جاره .. ينظر إلى إخوانه .. يوصي الجار بالجار:
"مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه[3]"
إنه التكافل .. المحبة.
في هذا المجتمع تَعَلَّم الصحابة. تعلموا كيف يعدلوا مع الآخرين ومع أنفسهم.
استكملت جميع العبادات التي هي أمر وتدريب للإنسان أن يعدل في وجوده فلا يُغَلِّب جانبا على جانب.
إن في الدنيا ومتطلباتها ووجود الجسد قوة تحتاج إلى قوة مضادة تضبطها وتقومها وتجعلها تسير في الطريق السليم.
إن لم تتواجد هذه القوة الداخلية الروحية المعنوية الخُلُقية فإن قوى الظلام في الإنسان تطيح به: تجعله لا يرى إلا عاجله.
تجعله لا يرى إلا مادي قيامه ومتطلباته ورغباته ولا يرى أخاه الإنسان.
تجعله لا يرى وجوده الأخروي إنما يرى فقط عند قدميه .. يرى لحظته الحالية.
إن الإنسان في حاجة إلى قوة تعادل هذه القوة الغاشمة التي تُغذى من كل شئ في الدنيا.. من كل متطلبات الإنسان في الدنيا.
جاء الإسلام بأحكامه ليعادل هذه القوة وليقنن متطلبات الإنسان ورغباته بحيث لا تصبح تلك المتطلبات قوة مضادة وإنما تصبح قوة مساعدة في قيامه الروحي والمعنوي:
فجعل العمل عبادة.
وجعل جهاد الإنسان لطلب الرزق عبادة.
وجعل العلاقة بين الإنسان وأهله عبادة ووضعها في مكانها الصحيح لمن يريد أن يكون في معنى العبودية لله حقاً.
لذلك فإن كنا نؤرخ بالهجرة فإن ذلك التقويم -يوم أوحى الله به وهيأه لمن وضعوا هذا التقويم- هو رسالة لنا أن البداية هي في هجر المكان الطالح واللجوء إلى المكان الصالح.
إن هذا قد يكون في حياة الإنسان اليوم: قد تكون هجرته مكانية من بلد إلى بلد، ومن مكان إلى مكان، ومن صحبة إلى صحبة، ومن أهل إلى أهل، ومن إخوان إلى إخوان.
وقد تكون هجرته فعلية في ترك الأفعال الطالحة إلى الأفعال الصالحة التي تقربه إلى معنى الحق فيه وإلى معنى الحياة فيه.
وقد تكون هجرة عقلية فهو يهاجر من كل الأفكار الفاسدة إلى الأفكار المنيرة الصالحة.
وقد تكون هجرة زمانية فوقته يقضيه في الله .. في ذكر الله.. وفي التعامل مع الله بدلاً من أن يقضي وقته في غفلة عن الله وفي غفلة عن وجوده في الله وعن قيامه في الله. لا يصر على ظلامه ويعتقد أنه ربٌ سوف يصلح هذا الظلام بقوته الذاتية. وإنما يعرف أن الله أوجد للإصلاح طريقاً: طريق العبودية وهو أن يعترف الإنسان بضعفه وبظلامه وأن يلجأ إلى الله وأن يطلب عوناً وأن يطلب قوة وأن يطلب نوراً وأن يطلب صحبة تساعده أن يقاوم ظلام نفسه.
إن كل الأعمال والأفعال الني نقوم بها على هذه الأرض إذا أدركنا فيها معنى العبودية لله .. معنى الخضوع لقانون الله سوف نسلك طريق الفلاح والصلاح.
وإنما إذا جعلنا من أنفسنا أرباباً فإنّا لن نكون أرباباً، ولن نصلح شيئاً، ولن نُقوِّم أمراً.
إن علينا أن نعرف القانون. ومعرفتنا للقانون تجعلنا عباداً لله:
في هذا المجتمع تَعَلَّم الصحابة. تعلموا كيف يعدلوا مع الآخرين ومع أنفسهم.
استكملت جميع العبادات التي هي أمر وتدريب للإنسان أن يعدل في وجوده فلا يُغَلِّب جانبا على جانب.
إن في الدنيا ومتطلباتها ووجود الجسد قوة تحتاج إلى قوة مضادة تضبطها وتقومها وتجعلها تسير في الطريق السليم.
إن لم تتواجد هذه القوة الداخلية الروحية المعنوية الخُلُقية فإن قوى الظلام في الإنسان تطيح به: تجعله لا يرى إلا عاجله.
تجعله لا يرى إلا مادي قيامه ومتطلباته ورغباته ولا يرى أخاه الإنسان.
تجعله لا يرى وجوده الأخروي إنما يرى فقط عند قدميه .. يرى لحظته الحالية.
إن الإنسان في حاجة إلى قوة تعادل هذه القوة الغاشمة التي تُغذى من كل شئ في الدنيا.. من كل متطلبات الإنسان في الدنيا.
جاء الإسلام بأحكامه ليعادل هذه القوة وليقنن متطلبات الإنسان ورغباته بحيث لا تصبح تلك المتطلبات قوة مضادة وإنما تصبح قوة مساعدة في قيامه الروحي والمعنوي:
فجعل العمل عبادة.
وجعل جهاد الإنسان لطلب الرزق عبادة.
وجعل العلاقة بين الإنسان وأهله عبادة ووضعها في مكانها الصحيح لمن يريد أن يكون في معنى العبودية لله حقاً.
لذلك فإن كنا نؤرخ بالهجرة فإن ذلك التقويم -يوم أوحى الله به وهيأه لمن وضعوا هذا التقويم- هو رسالة لنا أن البداية هي في هجر المكان الطالح واللجوء إلى المكان الصالح.
إن هذا قد يكون في حياة الإنسان اليوم: قد تكون هجرته مكانية من بلد إلى بلد، ومن مكان إلى مكان، ومن صحبة إلى صحبة، ومن أهل إلى أهل، ومن إخوان إلى إخوان.
وقد تكون هجرته فعلية في ترك الأفعال الطالحة إلى الأفعال الصالحة التي تقربه إلى معنى الحق فيه وإلى معنى الحياة فيه.
وقد تكون هجرة عقلية فهو يهاجر من كل الأفكار الفاسدة إلى الأفكار المنيرة الصالحة.
وقد تكون هجرة زمانية فوقته يقضيه في الله .. في ذكر الله.. وفي التعامل مع الله بدلاً من أن يقضي وقته في غفلة عن الله وفي غفلة عن وجوده في الله وعن قيامه في الله. لا يصر على ظلامه ويعتقد أنه ربٌ سوف يصلح هذا الظلام بقوته الذاتية. وإنما يعرف أن الله أوجد للإصلاح طريقاً: طريق العبودية وهو أن يعترف الإنسان بضعفه وبظلامه وأن يلجأ إلى الله وأن يطلب عوناً وأن يطلب قوة وأن يطلب نوراً وأن يطلب صحبة تساعده أن يقاوم ظلام نفسه.
إن كل الأعمال والأفعال الني نقوم بها على هذه الأرض إذا أدركنا فيها معنى العبودية لله .. معنى الخضوع لقانون الله سوف نسلك طريق الفلاح والصلاح.
وإنما إذا جعلنا من أنفسنا أرباباً فإنّا لن نكون أرباباً، ولن نصلح شيئاً، ولن نُقوِّم أمراً.
إن علينا أن نعرف القانون. ومعرفتنا للقانون تجعلنا عباداً لله:
{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} (مريم 19: 93)
الذي يعرف أنه في معنى العبودية يعرف الطريق ويبحث عن الطريق الذي يستطيع أن يصلح فيه نفسه وأن يصلح فيه غيره.
عباد الله: نسأل الله أن نكون كذلك، وأن نكون في معنى العبودية لله، وأن يكون عملنا عملاً يتسم بالعبودية لله، ويتسم بإدراك قانون الحياة، وفي البحث عن هذا القانون، وفي تعلم هذا القانون، وفي إدراك هذا القانون حتى نكون حقاً في معنى عباد الله الصالحين الذين أدركوا معنى وجودهم ومعنى حياتهم فكسبوا وجودهم وكسبوا كرتهم فكانوا من الناجين.
عباد الله: إنّا في حاجة اليوم أن نبدأ بدءً جديداً.
إنّا في حاجة في كل يوم أن نبدأ بدءً جديداً.
إنا في حاجة كل يوم أن نهاجر من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى المعرفة، ومن الباطل إلى الحق، ومن البيئة الطالحة إلى البيئة الصالحة سواء كنا أفرادا أم كنا مجتمعا.
إن ما صلحت به بدايات هذه الأمة تصلح به اليوم إن اتبعت المنهج.
والمنهج ليس صورة وإنما هو أسلوب حياة.
إن الذين ينادون بالعودة إلى الإسلام بشكله وظاهره دون إدراك للمعنى الذي صاحب الشكل والصورة هي دعوة في ظاهرها حق، وإنما لا تصلح بل تسبب إشكاليات كثيرة لأن الهدف ليس في الصورة، وإنما الهدف هو في المضمون وفي الإطار الذي حدثت فيه كل الأمور في بدايات هذه الأمة.
إنّا في حاجة إلى علم حقيقي.
إنّا في حاجة إلى مسجد حقيقي يكون فيه العلم حقا، ويكون فيه التوجيه حقا، ويكون فيه تغيير القلوب، وتغيير العقول، وتطهير النفوس، وتزكية الأرواح.
يكون فيه الفكر منطلقا والقلب منشرحا.
يكون فيه قوة تدفع الأجساد إلى العمل، وإلى الجهاد، وإلى الحركة، وإلى، التغيير وإلى التطور، وإلى البحث، وإلى الإبداع، والابتكار والخلق.
لسنا في حاجة اليوم إلى دعاوى تشغل الإنسان في أمور تافهة سطحية فيها اختلاف.
إن قضية الإنسان الأولى هي في أن يحمل دعوة إلى نفسه، وإلى مجتمعه، وإلى أرضه فيها معنى العدل.
لقد تكلمنا اليوم فقط عن العدل، فالعدل أساس كل شيء. وكما قال السابقون: قد تصلح أمة وحاكمها فاجر ولكن فيها عدل، ولا تصلح أمة حاكمها صالح ولكن فيها ظلم.
صلاح أي أمة وصلاح الإنسان هو في العدل، هو الاتزان، هو الميزان.
ولا يكون ذلك إلا بالعلم، وبالمعرفة، وبتطوير آليات يتحرك المجتمع فيها في إطار عادل يسوى بين الناس جميعا، ويرغِّب الناس في مساعدة إخوانهم لأنهم يريدون أن يكونوا عادلين .
كل الأمور الأخرى هي أمور تساعد الإنسان على ذلك.
فإذا تحولت إلى أنها قوة ضد ذلك.. إذا تحول الدين إلى أن يستكين الإنسان إلى الظلام، وأن يستكين إلى الجهل، وأن يستكين إلى التكاسل فهو أمر ليس بصالح:
عباد الله: نسأل الله أن نكون كذلك، وأن نكون في معنى العبودية لله، وأن يكون عملنا عملاً يتسم بالعبودية لله، ويتسم بإدراك قانون الحياة، وفي البحث عن هذا القانون، وفي تعلم هذا القانون، وفي إدراك هذا القانون حتى نكون حقاً في معنى عباد الله الصالحين الذين أدركوا معنى وجودهم ومعنى حياتهم فكسبوا وجودهم وكسبوا كرتهم فكانوا من الناجين.
عباد الله: إنّا في حاجة اليوم أن نبدأ بدءً جديداً.
إنّا في حاجة في كل يوم أن نبدأ بدءً جديداً.
إنا في حاجة كل يوم أن نهاجر من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى المعرفة، ومن الباطل إلى الحق، ومن البيئة الطالحة إلى البيئة الصالحة سواء كنا أفرادا أم كنا مجتمعا.
إن ما صلحت به بدايات هذه الأمة تصلح به اليوم إن اتبعت المنهج.
والمنهج ليس صورة وإنما هو أسلوب حياة.
إن الذين ينادون بالعودة إلى الإسلام بشكله وظاهره دون إدراك للمعنى الذي صاحب الشكل والصورة هي دعوة في ظاهرها حق، وإنما لا تصلح بل تسبب إشكاليات كثيرة لأن الهدف ليس في الصورة، وإنما الهدف هو في المضمون وفي الإطار الذي حدثت فيه كل الأمور في بدايات هذه الأمة.
إنّا في حاجة إلى علم حقيقي.
إنّا في حاجة إلى مسجد حقيقي يكون فيه العلم حقا، ويكون فيه التوجيه حقا، ويكون فيه تغيير القلوب، وتغيير العقول، وتطهير النفوس، وتزكية الأرواح.
يكون فيه الفكر منطلقا والقلب منشرحا.
يكون فيه قوة تدفع الأجساد إلى العمل، وإلى الجهاد، وإلى الحركة، وإلى، التغيير وإلى التطور، وإلى البحث، وإلى الإبداع، والابتكار والخلق.
لسنا في حاجة اليوم إلى دعاوى تشغل الإنسان في أمور تافهة سطحية فيها اختلاف.
إن قضية الإنسان الأولى هي في أن يحمل دعوة إلى نفسه، وإلى مجتمعه، وإلى أرضه فيها معنى العدل.
لقد تكلمنا اليوم فقط عن العدل، فالعدل أساس كل شيء. وكما قال السابقون: قد تصلح أمة وحاكمها فاجر ولكن فيها عدل، ولا تصلح أمة حاكمها صالح ولكن فيها ظلم.
صلاح أي أمة وصلاح الإنسان هو في العدل، هو الاتزان، هو الميزان.
ولا يكون ذلك إلا بالعلم، وبالمعرفة، وبتطوير آليات يتحرك المجتمع فيها في إطار عادل يسوى بين الناس جميعا، ويرغِّب الناس في مساعدة إخوانهم لأنهم يريدون أن يكونوا عادلين .
كل الأمور الأخرى هي أمور تساعد الإنسان على ذلك.
فإذا تحولت إلى أنها قوة ضد ذلك.. إذا تحول الدين إلى أن يستكين الإنسان إلى الظلام، وأن يستكين إلى الجهل، وأن يستكين إلى التكاسل فهو أمر ليس بصالح:
" كم من مصلٍ لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا[4]"
فصلاته إن جعلته يستكين للظلم، وجعلته لا يقول كلمة حق، وجعلته لا يحاول أن يجاهد في الله، وأن يقدم ما يستطيع لإصلاح إخوانه ولإصلاح مجتمعه: بخل بعلمه وبخل بماله وبخل بجهده فهي ليست بصلاة:
"من لم تنهه صلاته فلا صلاة له [5]"
فإذا أخذنا نركز في أحكام الصلاة وشكلها وألوانها وصورها وأفعالها وما فيها من سنن وما فيها من مندوبات وما فيها من كذا وكذا، وانشغلنا بذلك، ولم يؤدِ بنا ذلك إلى تحويل كل ما نقول إلى قوة تدفعنا إلى العدل فهذا هباء:
{أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ} (النور 24: 39)
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (الفرقان 25: 23)
عباد الله.. البداية هي تغيير كامل وشامل، وأن نضع الهدف أمامنا، وألا ننشغل بأمور سطحية وإنما ننشغل بأمور جوهرية.
هذا هو الطريق الذي إن بدأناه فسنتغير إلى مجتمع صالح فالح، ينفع الأرض كلها كما ينفع كل فرد فيه لأنه يهيئ له وسطا صالحا تنمو بذرة الحق فيه، فيصبح شجرة صالحه فالحة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
هذا هو الطريق الذي إن بدأناه فسنتغير إلى مجتمع صالح فالح، ينفع الأرض كلها كما ينفع كل فرد فيه لأنه يهيئ له وسطا صالحا تنمو بذرة الحق فيه، فيصبح شجرة صالحه فالحة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
- نص الحديث الذي أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده: "إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض". ونص الحديث كما جاء في سنن الترمذي: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما."
- نص الحديث كما أخرجه أحمد بن حنبل: "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى."
- حديث شريف أخرجه مسلم وأحمد زأبو داود والترمذي وابن ماجة.
- أخرجة الطبرانى الجامع الصغير للسيوطى بنص : "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الابعدآ"
- انظر الملحوظة السابقة.