الجمعة، 20 سبتمبر 2013

تطبيق ما هو أصلح للمجتمع هو الدين بعينه


        حمدا
ً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
الحمد لله، والحمد دائماً لله، والشكر دائماً لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
عباد الله: إن ديننا يدعونا، أن نتدبر، ونتفكر، وأن نتواصى بالحق وبالصبر، وأن نتواصى بالصبر وبالمرحمة، وأن ندعو إلى الخير، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، وأن نؤمن بالله. فهدفنا وغايتنا هو وجه الله، ومقصودنا هو وجه الله، ورجاؤنا هي رحمة الله. وما توفيقنا إلا بالله.
إن تطبيق ديننا، وشريعتنا، ومنهج ديننا ـ هو في أن نقوم في كل ذلك. في حياتنا، نتعلم ونعمل، نتفكر ونبدع ونطور، نتخذ كل أسباب حياتنا: 
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ..."[العنكبوت 20].
فالدين يأمرنا بأن نتعلم ما هو على أرضنا إلى أقصى حد، بل أن ديننا، يأمرنا بكل ما يُصلِح دنيانا، وبكل ما هو حقٌ على أرضنا، وبكل ما هو صالِحٌ لمجتمعنا، بما تُنتِجه عقولنا، وعلومنا، وأسباب حياتنا، وكل ما هو على أرضنا.

إن ديننا، ينهانا أن نتواكل، وأن نخلط الأمور، فلا نسعى لأرزاقنا، بظن إيمانٍ، ولا أن نُحسِن في أرضنا، بظن تسليمٍ لحالنا. إن ديننا، يدعونا أن نكون على الأرض بكل طاقاتنا، وبكل قوانين أرضنا، بل أن ديننا، يدعونا في كثيرٍ من الأحيان، أن يكون صالحنا الدنيويّ، مقدمٌ على عبادةٍ أو منسكٍ.
فإن كنت مريضاً، ولا تستطيع الصوم مثلاً، فإن صومك، هو خطأٌ كبير، لأن ما هو ظاهرٌ لك، من مصلحتك على هذه الأرض، في أن تُطَبِّب ذاتك، مُقدمٌ على أن تجاهد نفسك، لكسب أمرٍ معنويّ. بل أنك في قيامك بتطبيب ذاتك، واحتساب ذلك عند الله، هو كسبٌ لأمرٍ معنويّ في حد ذاته.
في نفس الوقت، عليك أن تفكر في قيامك المعنويّ، وتواجدك الروحيّ، ومستقبلك الأخرويّ. بل أن من فضل الله ونعمته عليك، قد جعل في إحسانك على أرضك وفي معاملاتك الدنيوية، ما هو له أثرٌ طيبٌ في حياتك الروحية والأخروية.
فارتبطت الدنيا بالآخرة، وامتزج العاجل بالآجل، وأصبح هناك عالمٌ واحد، هو عالم الأحياء، الذين لا يموتون: 
"وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"[آل عمران 169]
وأصبح الإنسان الحيّ، يُنقَل من دارٍ إلى دار. لذلك، فإن الذين يفصلون بين الدين والدنيا، هم الذين يظنون في وقتنا هذا، أنهم يربطون بين الدين والدنيا.
إنك يوم تظن أن الدين، هو في أفعال سابقين، أو في أقوال سابقين، وتريد أن تُسقِط ذلك على مجتمعك اليوم، لا لأنه هو الصالِح والخير والأفضل والأحسن والأقوم، ولكن لأن السابقين كانوا كذلك ـ هذا يكون فصلا بين الدين والدنيا، لأنك ظننت أن الدين شيءٌ، وصالحك على هذه الدنيا شيءٌ آخر، مع أن ما هو أصلح للمجتمع، هو الدين بعينه، وإن اختلف مع ما كان عليه السابقون.
لذلك، قال القوم عن الفقيه: أنه هو الإنسان، الذي يصل إلى الحكم، من المصادر الحقية، من كتاب الله وسنة رسول الله ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ، وإن وصل إلى ما وصل إليه الآخرون. قد يتوافق معهم، وقد يختلف معهم.
لذلك، فإن تقديس فعل أي إنسانٍ غير مقدسٍ وغير معصومٍ، هو فصلٌ بين الدين والدنيا. لأن الدين، هو صلاح الدنيا، وهو ما يجعلك تكسب في الله، يوم تراعي ذلك دائماً، سواء على مستوى نفسك، أو على مستوى مجتمعك. وأصبح الإنسان، هو المُخاطب بما جاء به القرآن، وبما تحدث به رسول الله ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ.
فإذا كان هناك من الحديث، ما يُعطِي فضلاً لعصر الرسول ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ، فالفضل في المنهج، وليس في شكلٍ كان، قد يتغير. وهكذا، فيما صدر من صحابة رسول الله، وممن تابعوهم، الفضل يكون في المنهج، وليس في شكلٍ أو في صورةٍ وصلوا إليها، ربما نختلف معها اليوم.
وما يهمنا في كل ذلك، هو أن نتفهم نحن هذا، بالنسبة لأنفسنا، فيقرأ كلٌ منا آيات الحق، ويتفهمها، ويتعمق في معانيها، حتى يكون في حالٍ أفضل مما هو عليه، ومما هو قائمٌ فيه. وأن يكون هذا، حال فقهائنا وعلمائنا، يقرؤون ويتعمقون، لا يقلدون ولا يتَّبعون دون وعيٍ ودون فهم، وإنما يُعمِلون عقولهم وقلوبهم، يبحثون عما فيه صالح مجتمعهم، وصالح أمتهم.
علينا جميعاً، أن نقرأ، وأن نفهم، وأن نتدبر ونتفكر، وأن نتواصى بالحق والصبر، أن نتواصى بالمرحمة، وأن يكون هدفنا وجه الله، ومقصودنا وجه الله، ورجاؤنا رحمة الله.
فحمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
________________________

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نؤكد عليه اليوم ـ كما نفعل دائماً ـ: أن الدين، هو منهجٌ للإنسان. وهذا المنهج، أساسه العلم والتفكر والتدبر، أساسه التواصي بالحق والتواصي بالصبر، أساسه البحث عما هو أصلح للمجتمع، أساسه أن ندرك أن كل ذلك مرتبطٌ بالإيمان بالله وبقانونه، وأنه ما أوجدنا على هذه الأرض إلا لحكمةٍ، وحكمته مرتبطةٌ بأن نُحسِن عليها، بما أودع فينا من قدرةٍ، على أن نميز بين الطيب والخبيث، ونبحث دائماً عما هو طيب، وفي بحثنا عن هذا، عبادةٌ لنا، نكسب بها في الله.
فالعبادة، هي الفعل الذي يُكسِبك الحياة: 
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"[الذاريات 56]
فوجودك على هذه الأرض، وما تفعله عليها، هو العبادة: 
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"(1)، فالعمل عبادة.
من هذا المنطلق، تصبح حياة الإنسان على هذه الأرض، كلها عبادة، ويرتبط عمله الدنيوي بعمله الأخرويّ، يوم يضيف هذا العمل الدنيويّ، إلى عباداته، وإلى تأملاته وتدبراته، وإلى دعائه المستمر في صلواته، وفي كل عبادةٍ يؤديها، يتجه إلى الله بالدعاء، أن يمنحه قوةً، تساعده أن تكون كل حياته عبادةً، تُكسِبه الحياة الأبدية.
نسأل الله: أن يحقق لنا ذلك، وأن يجعلنا كذلك.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه الناس حولنا.
اللهم ونحن نتجه إليك، ونتوكل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.
اللهم فاكشف الغمة عنا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه الساعة ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا.  
______________________________

(1)             حديث شريف أخرجه أبو يعلي والطبراني (كتاب المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للإمام السخاوي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق