حمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك
يا رسول الله.
الحمد لله، والحمد دائماً لله، والشكر دائماً لله، والصلاة والسلام دائماً على
رسول الله.
عباد الله: أمرنا الله، أن نتفكر
ونتدبر في خلق السماوات والأرض. والتدبر في خلق هذه الأرض، يشمل كل ما يحدث عليها،
يشمل كل قوانينها، يشمل حركة الناس وتفاعلهم، معاملاتهم، أحوالهم، صراعاتهم، توافقاتهم،
كل ما يصدر عنهم، وما يصدر ويحدث لهم.
ونحن نعيش حالةً، من تلاحق أحداثٍ وصراعاتٍ في مجتمعنا، يُستَخدم الدين في هذه
الصراعات وفي هذه الأحداث. والدين ـ في نظرنا ـ بريء من كل ما يحدث حولنا. الدين،
يدعو إلى السلام، وإلى العدل، وإلى الحكمة، وإلى الجدال بالتي هي أحسن، "...بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ..."[النحل 125].
الدين، يستوعب الناس جميعاً، الدين يُجَمِّع ولا يُفَرِّق. الدين، ليس مجرد
شعارات، أو ظاهر أحكام، أو شكلٍ للمجتمع أو للدولة. الدين، هو الحياة، هو الواقع، هو
ما يجعل حياة الناس أفضل، دين الرحمة، دين العلم، دين العدل.
وللأسف، فإن في تاريخ البشرية، كثيرٌ من الصراعات، كان سببها في ظاهر الأمر،
هو الدين، مما دعا كثيرين في هذه الأرض أو على هذه الأرض، أن يقولوا: دعوا الدين جانباً،
لا تُدخِلوا الدين في صراعاتكم، وفي مطامعكم الدنيوية، وفي وجهات نظركم السياسة دولتكم.
ومنهم من دعا إلى ترك الدين كُليَّةً، فما جاء من ورائه إلا الحروب والصراعات.
وفي مجتمعنا، نعيش هذا الحال، فكثيرٌ من الناس، بدأوا يقولون هذا القول: دعوا
الدين جانباً، لا نريد هذا الدين، الذي يجعل إنساناً يقتل أخاه الإنسان، الذي يدعو
مجاميع من البشر، يكون كل هدفها، هو القتل باسم الدين، وباسم الشريعة، بل أنها تتخذ
شعار الدين، شعاراً لها، في قتلها، وفي إرهابها، وفي توجهاتها.
إن أي مجتمعٍ يُكبِر الدين حقاً في حياته، لا يجعل الدين طرفاً في صراع، لأن
الدين في حقيقته، هو إكبار الإنسان، وإكبار حياته على هذه الأرض:
"...مَن قَتَلَ
نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا
وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..."[المائدة 32].
قيمة النفس
البشرية وحرمتها، مقدمة على أي شيء، مقدمة على أي شعيرة أو أي عبادة، يظنها الإنسان
في الدين.
علينا، أن نتفهم ديننا حقاً، دين الرحمة، ودين الحياة، ودين العدل، ودين الأحسن،
ودين التكافل، ودين المحبة، ودين التسامح ـ لعلنا نكسب من هذه المرحلة التي نعيشها،
بأن نتأمل في ديننا حقاً، ونقرأه قراءةً صحيحةً عميقةً، متجهين في قراءتنا إلى الله،
أن يجعل المعاني تلمس قلوبنا، فنفهم آيات الله حقاً، فهماً صحيحاً، وأن نتعلم، أن نتجه
إلى الله بالدعاء وبالرجاء، في أن يُصلِح حال مجتمعنا، وأن يجعل الناس يفيقون. يفيقون
إلى دينهم، وألا يتمسكوا بعصبيةٍ أو بمفهومٍ يَحضُّ على الكراهية، وعلى الصراع، وعلى
القتل ـ إنما أن نكون دائماً، نبحث عن خير المجتمع، وخير الناس، وصلاح الناس.
عباد الله: نسأل الله: أن يحقق
لنا ذلك، وأن يجعل منا أداة خيرٍ وسلامٍ ورحمةٍ، لنا، ولبلدنا، ولأرضنا.
فحمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
______________________
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نقوله
اليوم: هو أننا نعيش حالةً من الحالات، التي نقرأ عنها في تاريخنا، باستخدام الدين،
في الحض على الكراهية، والعنف، والصراع، بظن دينٍ، أو باستخدام بعض مفاهيم الدين في
غير موضعها. وهذا حالٌ، نسأل الله ألا يستمر، وأن يفيق الناس جميعاً.
فإذا كان في القديم، مفهوم الناس غير ناضجٍ، لقلة المعارف ولقلة الوسائل، فهذا،
لا يجب أن يكون في عصرنا. فلازال ـ للأسف ـ مفهوم الدين، غائبٌ عن كثيرين، مما يُسَهِّل
مهمة المُغرِضين، "..الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ..."[المائدة 52]، ويستخدمون
مفاهيم الدين، لجمع الأنصار والمؤيدين.
وهؤلاء، مفهوم الدين عندهم ضَحلٌ، ويظنون أن الدين هو في الحرب وفي الصراع،
بظن دفاعٍ عنه، وهم بفعلهم هذا، لا يفهمون أول مبدأٍ في الدين، من الدعوة "...بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ..."، ومن الكلمة السواء، ومن معاني التسامح والمحبة
في دين الحق، وفي عدم السيطرة لفريقٍ على فريق، وإنما في التذكير "..إِن نَّفَعَتِ
الذِّكْرَى، سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى"[الأعلى 11:9].
عباد الله: إنا في مرحلةٍ، قد
تكون سبباً، لأن يتعلم الناس أكثر، ولأن يرجعوا إلى معاني دينهم أعمق، وأن يخرجوا من
هذا الظلام، الذي توارثوه باسم الدين، أن يخرجوا من هذا الجهل، الذي يظنون أنه الدين،
من هذه الغمة، التي يظنون أنها الدين، يخرجوا إلى رحاب الدين .. الرحبة الواسعة، التي كلها رحمةٌ، وعدلٌ،
وتسامحٌ، ومحبة.
نسأل الله: أن يحقق لنا ذلك، وأن يجعلنا أداة خيرٍ وسلامٍ ورحمة، لنا، ولمن
حولنا، ولكل من هو على أرضنا.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه الناس حولنا.
اللهم ونحن نتجه إليك، ونتوكل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك،
لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.
اللهم فاكشف الغمة عنا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنا شرور نفوسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه الساعة ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا
حاجةً لنا فيها رضاك إلا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
"رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا
مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"[آل عمران 8].
_________________________________
* معجم
الغني: رَاحٌ [ر و ح] يَعِيشُ فِي رَاحٍ: فِي انْبِسَاطٍ وَانْشِرَاحٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق