حديث الجمعة
15
ربيع الأول
1440هـ الموافق
23
نوفمبر 2018م
السيد/ علي رافع
حمدًا
لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
الحمد
لله الذي أكرمنا بجمعنا، وأن جعل لنا بيننا حديثًا نتواصى فيه بالحقّ والصّبر
بيننا، نتدبّر أمور حياتنا، ونتأمّل في آيات الحقّ لنا، ونجتمع على مقصود وجه الله،
وعلى ذكر الله، في دعاءٍ دائمٍ أن يعلّمنا الله من لدنه علمًا، وأن يفتح لنا بابًا
لمعرفةٍ متجدّدة، وأن يمهّد لنا طريقًا نسلكه، حتّى نحقّق لوجودنا معنى العبوديّة
لله، فنكسب كرّتنا، ونصبح أحياءً بحقّ، نواصل حياتنا بعد انتقالنا من هذه الأرض،
أحياءً عند ربّنا نُرزق، في معراجٍ دائمٍ في الله.
عباد
الله: لنكون كذلك، فقد
كشفت لنا آيات الله، سرّ خلق الإنسان، يوم وجدنا في آيات الله، ما يحدّثنا عن خلق
آدم كرمزٍ للإنسان، "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ..."[البقرة 31]، "... إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ..."[البقرة 30]، فكان وجود الإنسان على الأرض، محمّلًا بعلمٍ ومعرفةٍ، ليبدأ في البحث عن
الحقيقة، وهذا هو العلم الذي حمّله الله لآدم، وهذه هي الأمانة التي حمّلها الله
للإنسان.
ولكنّ
الإنسان وهو "... كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"[الأحزاب 72]، حمل الأمانة، ولكن ما فيه من ظلمٍ وجهلٍ بقى فيه، "... إِنَّ
النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ..."[يوسف 53]، فطغت نفسه عليه، فأصبح غائبًا عن الحقيقة، منشغلًا بوجوده المادّيّ، فعلّمنا
الحقّ أنّ القانون الإلهيّ، هو "... مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى
نَبْعَثَ رَسُولاً"[الإسراء
15]، فأوجد الله بين الخلق رسلًا
ظهرت فيهم أمانة الحياة، فبدأوا بحثهم عن حقّيّ وجودهم، وهذا ما رأيناه في قصص
الأنبياء والرّسل، أنّهم بدأوا جميعًا بالبحث عن حقيقة وجودهم، وعن معنى قيامهم.
وكان
إبراهيم ـ عليه السّلام ـ وهو أبو الأنبياء، من علّمنا ذلك، وهو يبحث عن ربّه، وكلّ
من جاءوا قبل إبراهيم، فعلوا مثله في بحثهم عن حقيقة وجودهم، وفي أن يرسل الله لهم
رسلًا من السّماء تعلّمهم وتوجّههم.
وعلّمتنا
الآية أنّ هذا قانونٌ دائم، "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ
ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ"[فصلت 30]. فكان الرّسل أدوات الله في خلقه، ليوقظوا النّاس من غفلتهم، وليخبروهم عمّا
أودع الله فيهم من فطرتهم، وهذا هو الدّين.
فالدّين،
كان تعبيرًا عن هذه القوانين التي سنّها الله في خلقه، من وجود الإنسان، وأن أودع
فيه أمانة الحياة، ومن أن يرسل رسولًا ليُعلّم، وينذر، ويوضّح، ويبيّن، ويكشف
للإنسان عمّا فيه من حقيقة، وأنزل الكتاب، الذي هو قوانين هذه الحياة، ليُعلّمها
الرّسول إلى خلقه.
"آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ
بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن
رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيرُ"[البقرة 285]، فهذه الآية تعبّر عن أركان الدّين، ومكوّنات الدّين، الذي هو أساسه ما في الإنسان من فطرة،
وقدرة على التأمّل والتفكّر والتدبّر، فيكون الإنسان يوم يُعمِل ما أعطاه الله،
أهلًا لأن يتلقّى نفحات الله، وأن تتنزّل عليه ملائكة الله.
فالآية
"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ..."، تعبيرٌ
أنّ الرّسول أصبح أهلًا لأن يتلقّى من ربّه، يوم أعمل ما أعطاه الله من طاقاتٍ
وإمكانات، فتأمّل وتفكّر، واختار وغيّر، واتّجه إلى الغيب طالبًا عونًا وقوّةً،
فكان أهلًا لأن تتنزّل عليه الرّسالة، فما تنزّل عليه وجده في قلبه، فـ "آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ"؛ لأنّه وجده في قلبه،
وفي كيانه، فاطمأنّ لذلك، فآمن بما أُنزِل إليه من ربّه.
وبلّغ
الرّسالة، فاستجاب من أعمل ـ أيضًا ـ ما أودع الله فيه من فطرة، فاستجابوا لدعوة
الرّسول لهم، وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ"؛ لأنّهم وجدوا
لدعوة رسول الله عن الله، صدىً في قلوبهم وفي إدراكهم، أنّ هناك غيبًا لا يدركونه،
فكان إيمانهم، هو تعبيرٌ عن أنّ الدّعوة إلى معنى الله كغيب، له وجودٌ في قلوبهم.
وآمنوا
ـ أيضًا ـ أنّ لهم علاقةً مع الغيب، من خلال وسائل أوجدها الله، وعرفوا أنّ هذه
الوسائل يُعبَّر عنها بـ "مَلآئِكَتِهِ"، والملائكة هنا هو معنى
قبل أن يكون شكلًا، أو صورةً، أو إسمًا، إنّه الأداة التي تربط بين الإنسان وربّه.
إنّ
الإنسان يوم لا يجد طريقًا أمامه، ويوم يشعر بالكرب، ولا يجد مخرجًا، فلا يجد إلّا
الله، "... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ..."[الطلاق 3،2]، يعلم أنّه حين يتواصل مع ربّه، فإنّ هناك من قوانين الحياة وأدواتها ما يُوصِله
بربّه، "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ..."[فصلت 30].
فآمنوا
بملائكته، ووجدوا ذلك في قلوبهم، أنّ معنى الغيب لا يعني أنّه تركهم، أو أنّهم لا
يستطيعون التّواصل معه، آمنوا بأنّ هناك ما يُوصِلهم به، فاتّجهوا إليه في خارجهم،
وفي داخلهم.
فأدركوا
أنّ هناك دائمًا على الأرض من سيساعدهم، ومن سيوضّح لهم، ومن سيكشف لهم، آمنوا أنّ
الله لن يتركهم، بل سيجعل هناك من الرّسل من يوقظهم، ومن يساعدهم، فآمنوا بـ "رُسُلِهِ".
وقبل
ذلك آمنوا ـ آيضًا ـ بأنّ هذا الذي يؤمنون به، موجودٌ في قوانين الحياة حولهم، وأنّهم
يستطيعون أن يقرأوها ويتعلّموا منها، وكان هذا معنى آمنوا بـ "كُتُبِهِ"
محفوظةٌ، موجودةٌ، مقروءةٌ، وهذا هو معنى "كُتُبِهِ".
هذا
هو الدّين كما نتعلّمه من آيات الله،
والذي هو قائمٌ في كلّ عصرٍ وفي كلّ مكان، وهو قائمٌ اليوم بكلّ مفرداته، وبكلّ
أركانه، وبكلّ مكوّناته. الدّين حيٌّ نعيشه، فأنت كإنسان، هو الإنسان الذي أوجده
الله دائمًا في قديم، والذي سيوجده في قادم، أنت الإنسان الذي يحمل أمانة الحياة،
والذي أعطاه الله المعرفة، وعلّمه الكلمات، وأنت الإنسان الظّلوم الجهول، الذي كنت
قبل أن تحمل الأمانة لا شيء، وستكون لا شيء، فأصبحت بأمانة الحياة شيئًا، وستصبح
شيئًا، أصبحت بأمانة الحياة حيًّا، وستصبح حيًّا، إن حافظت على هذه الأمانة فيك.
وكلّ
إنسانٍ يوم يُعمِل ما فيه من فطرة، سيكون أهلًا للمعرفة، يوم يبحث، يوم يسأل، يوم
يتساءل، يوم يطلب، يوم يدعو، وسوف تتنزّل عليك ملائكة الله، وهنا الملائكة ليس جسدًا،
وليس شكلًا، وليس إسمًا، إنّه العلم اللدنّي، إنّه الإلهام، إنّه التوفيق، إنّه
الفكرة، إنّه اللمحة، إنّه الكلمة.
وسوف
يسمع هذا الإنسان هذه الدّعوة من رسل الله في كلّ صورةٍ وفي كلّ شكلٍ، وهي تعلّمه
معنى الله كغيب، وتعلّمه الوصلة بالله بوجود ملائكته، وتعلّمه كيف يقرأ كتب الله،
فيما أنزل الله في رسالاته، وفيما أوجد في كونه، "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا
فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ..."[فصلت 53].
وسوف
يؤمن هؤلاء أنّ رسل الله موجودون دائمًا، ليس فقط بتجلّيهم في الأولياء وفي عباد
الله الصالحين، وإنّما بوجودهم الرّوحيّ الموجود دائمًا، "... وَجَعَلْنَا
لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ..."[الأنعام/122].
وكما
نتأمّل ونتدبّر دائمًا، أنّ معنى الرّسول هو المقصود الدّائم، "... مَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً"، هو معنىً دائم، وما في
الإنسان من فطرةٍ صالحة، هو تعبيرٌ عن معنى من معاني رسول الله. وآيات الله في
الكون، هي رسائل لله تُرسَل، فهي بذلك معنى من هذه المعاني.
وتصوُّر
الدّين كأنّه أمرٌ جاء وانتهى، وفسّره المفسّرون، ووضع قواعده الفقهاء، وانتهى
الأمر، وهو كيانٌ جامدٌ لا يتغيّر، وأنّ علينا أن نراه كذلك، وأنّ خروجنا عن ذلك
سوف يُسبّب تشتّتًا، هو أمرٌ يبتعد عمّا نراه من الحقّ.
فالدّين
حيٌّ يتفاعل مع الإنسان، ويُكبِر الإنسان، ويُكبِر فكر الإنسان، ويُكبِر عقل
الإنسان، ويُكبِر أن تجتمع الأمّة وتتفقّه في دينها، وتتواصى بالحقّ، وتتواصى بالصّبر،
وتبحث عمّا يُصلِحها، وعمّا هو أفضل لها، وتعلم أنّ ما جاء في رسالات الله الزّمنيّة
القديمة، لا يعني أنّ مفهوم النّاس عنها هو الحقّ، وإنّما هو مفهومٌ فيه جانبٌ من
الحقّ، ولكن دائمًا هناك جانبٌ آخر، وأن التعدّد ليس فيه فتنة، وإنّما فيه تكاملٌ
وترابط، وأنّ الثّوابت الأساسيّة، هي في الصّدق مع ما يراه الإنسان من حقٍّ وحقيقة،
وأنّ كلّ ما جاء به الدّين من حقائق، هي أساسها أنّ الإنسان يتّفق معها ولا يختلف
معها، بفطرته وبسرّ الله فيه.
عباد
الله: هكذا، نرى الدّين
كمعنىً شاملٍ في الحياة، وكمعنىً حيّ نتفاعل معه ويتفاعل معنا.
نسأل
الله: أن يوفّقنا لما فيه خيرنا، ولما فيه صلاحنا.
فحمدًا
لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد
لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله.
عباد
الله: إنّ حديثنا
اليوم كان تأمّلًا في معنى الدّين بالنّسبة لنا، فما نراه من مناظراتٍ وآراءٍ في
قضيّة الدّين، ومصادره، وأصوله، وما يجب أن نتمسّك به، وما يجب ألّا نغيّره ـ هي
أحاديثٌ قديمة، وهي لا تتناول الموضوع من جانبٍ حقّيّ، إنّما تتناوله من جانبٍ
شكليّ، حيث ترى الدّين شكلًا، وصورةً، ورسمًا، ولا تراه حيًّا، لا تراه حقًّا
يناظر، ويوجّه، ويجذب الإنسان، وإنّما تراه ضعيفًا، تخشى عليه أن ينقضّ عليه النّاس،
والدّين أكبر من ذلك وأقوى؛ لأنّه قانون الحياة، [ما شادّ هذا الدّين مشادٌّ إلّا
جذبه](1).
الدّين،
هو الحقّ الذي يراه الإنسان، والذي تراه الجماعة، والذي يراه العقل، ويراه القلب،
والذي هو أحسن، "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ ..."[العنكبوت
46]، وهو أحسن دائمًا، ليس
بمفهوم سلفٍ أو خلف، وإنّما في أصوله الثّابتة، وفي دعوته القائمة الدّائمة، في
الفكر المستنير، وفي العقل السّليم، وفي التّواصي بالحقّ والتّواصي بالصبر.
عباد
الله: حين نتكلّم عن الدّين، دائمًا نقول: أنّه حيّ،
وأنّنا علينا أن نتفاعل معه كقيامٍ حيّ، وأن نستلهم منه كحيّ، والحيّ دائمًا يقبل
ما هو أفضل وأحسن وأقوم، وأنّ مفهومنا عن الدّين ليس هو الدّين، وأنّ ما
قاله السّابقون في تفاسيرهم، هو فهمٌ له وجاهته، وله أسسه، ولكن لا يعني أنّه الحقّ
المطلق.
وأنّ
علينا أن نتفاعل دائمًا مع أصولنا بالحجّة، وبالمنطق، وبالرجوع ـ أيضًا ـ إلى ما
قاله السّابقون، ولكن لا يعني هذا أن نغلق بابًا يفتحه الله لنا بفهمٍ جديد، أو
بمعرفةٍ جديدة، تتواءم وتتوافق مع الرّسالة المُبلّغة، ومع قوانين الله الدّائمة
في أرضه التي نعيش عليها.
عباد
الله: نسأل الله أن
يوفّقنا أن نكون أداة خيرٍ وسلامٍ ورحمة، وأن نكون دائمًا راجعين إليه، ومتوكّلين
عليه، تائبين إليه، مدركين أنّ علينا أن نتحدّث بما نرى أنّه الحقّ، ولا يعني تحدّثنا،
أنّنا الحقّ المطلق، وإنّما هو تأمّلٌ قد يكون صوابًا، وقد يكون خطأً، ونحن نتحدّث
عن ذلك دائمًا، فكلّ حقٍّ هو خطأٌ في مرحلةٍ مّا، وكلّ خطأٍ قد يكون صوابًا في
مرحلةٍ مّا، فالقضيّة قضيّةٌ نسبيّة، ولا يعلم الحقّ المطلق إلّا الله، ولا يعلم
الخطأ المطلق إلّا الله.
نسأل
الله: أن يجعلنا أهلًا لرحمته، وأهلًا لنعمته، وأهلًا لتوفيقه وحكمته.
اللهم
وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه النّاس حولنا.
اللهم
ونحن نتّجه إليك، ونتوكّل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ
ولا منجى منك إلّا إليك.
اللهم
فاكشف الغمّة عنّا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم
ادفع عنّا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم
اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم
أرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم
لا تجعل لنا في هذه السّاعة ذنبًا إلّا غفرته، ولا همًّا إلّا فرّجته، ولا حاجةً
لنا فيها رضاك إلّا قضيتها.
اللهم
ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
يا
أرحم الرّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرّاحمين ارحمنا.
_____________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق