الأربعاء، 29 يناير 2020

ما معنى الإيمان بما أُنزِل؟


حديث الجمعة 
23 ربيع الثاني 1441هـ الموافق 20 ديسمبر 2019م
السيد/ علي رافع

حمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
الحمد لله الذي جمعنا على ذكره، وعلى طلبه، وعلى مقصود وجهه. الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمته، وبكرمه وجوده وحكمته، وجعلنا نتفكَّر في آياته، ونتأمَّل في رسالاته، ونقرأ كلماته، ونذكر آياته، نطمع في رحمته، ونأمل في مغفرته، مدركين أنَّ طريق الحياة لا نهاية له، وأنَّ الله أكبر دائما عن أيِّ شكلٍ وعن أيِّ صورةٍ، هكذا نتذاكر دائمًا، ونتعلَّم من آيات الله لنا.
        آيات الله فيها أعماقٌ كثيرة، وكلُّ آيةٍ هي قضيَّةٌ من قضايا الحياة، وقد تكلَّمنا في الأسبوع الماضي عن معنى وعن تأمُّلٍ في معنى: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"[البقرة 3،2]، وأنَّ "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ"، هو تعبيرٌ عن آيات الله الدَّائمة، وعن رسالاته التي أرسلها لعباده، وعن كلِّ ما يحدث في الكون، وأنَّ كلَّ ما يحدث له حكمةٌ وفي إطارٍ محكمٍ، وهذا هو معنى الإيمان بالغيب، أنَّنا لا نعرف إلَّا القليل، وأنَّ الغيب لا نهاية له، وأنَّ علينا أن نكون في صلةٍ مع الغيب، وأن نتعامل في كلِّ ما رزقنا الله تعاملًا معه.
وهذا تلخيصٌ سريعٌ لما بيَّنا لنتابع معنى: "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ"[البقرة 4]. "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ"، ما هو الذي أُنزِل إلى رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ؟ وما ارتباط هذا المعنى بالآية: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ..."[البقرة 285]؟ ما معنى الإيمان بما أُنزِل؟ هل الإيمان هو مجرَّد تصديق بأنَّ هذه الآيات نزلت؟ هل هو مجرَّد تكرارٍ باللسان أنَّنا نؤمن بما أنزل الله؟ وهل يؤمن الإنسان دون أن يقرأ ودون أن يفهم؟
تأمُّلنا هو أنَّ الإيمان ليس مجرَّد كلمةٍ تُقال، وإنَّما هي أسلوب حياة ومنهج حياة، فالذين يؤمنون بما أُنزِل إلى رسول الله، هم الذين يتَّبعون منهج الحياة، ومنهج الحياة يدعو الإنسان أن يقرأ وأن يفهم، وأن يؤمن بما يفهم، وأن يعمل بما فهم.
وحين تقول الآية: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ"، فإنَّها تعني أنَّ الرَّسول هو مثال الإيمان في تَقبُّله لما أُنزِل إليه، وقد خوطب قبل أن يُوحَى إليه بإقرأ، "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"[العلق 5:1]، فالأمر هنا، هو توجيهٌ وإعدادٌ لتَقبُّل الآيات والقوانين، وأنَّ الإنسان قد أُعِدَّ لذلك.
"عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"، تعبيرٌ وإشارةٌ إلى فطرة الإنسان وما فيه من قدرةٍ على التَّمييز بين الأمور خيرِها وشرِّها. وبقيام الرَّسول في ذلك، ثم تَقبُّله لما أُنزِل إليه، قرأه وعَلِمه بما عُلِّم، وفهمه بما أوجد الله فيه من علمٍ، فأصبح في معنى: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ"، وكان بذلك قدوةً للمؤمنين ليقوموا في معنى الإيمان بما أُنزِل إليه، فيقرؤونه ويفهمونه ويُطبِّقونه.
وكلُّ إنسانٍ له قدرة، "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا..."[البقرة 286]، "فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ"[القيامة 18]، يتَّبع ما فهمه من القرآن؛ لأنَّك لا تستطيع أن تتَّبع ما لا تفهمه، ولا تستطيع أن تُطبِّق ما لا تفهمه. وتطبيق الإنسان لما لا يفهمه، سيكون بالضَّرورة تطبيقًا فاشلًا باطلًا، هذه طبيعة الأشياء، وطبيعة الأمور.
وفي التَّعلُّم، إذا لم يفهم التِّلميذ أمرًا وقضيَّةً ومشكلةً، لا يستطيع أن يُقدِّم حلًّا، وإذا حفظ حلًّا وهو لا يفهم المشكلة أصلًا، فبالقطع لن يُجيب، ولن يحلَّ أيَّ مسألةٍ بصدقٍ وبصحَّةٍ؛ لأنَّه لا يفهم العلاقة بين المشكلة والحلِّ.
سوف تقابل الإنسان آياتٌ لا يفهمها، حتَّى ولو فهم ظاهر الكلمات فيها، فالفهم الصَّحيح هو أن يتوافق ظاهر الكلمات مع معنىً عند الإنسان فيما علَّمه الله إيَّاه، بمعنى: "عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"، وهو أن يتوافق ما يفهمه مع فطرته، ومع ما أدركه بحسِّه وبعقله وبقلبه وبتجربته.
فالإيمان بما أُنزِل ـ في واقع الأمر ـ لا يعني ترديد ما يُقال أو ما يقرأه ككلماتٍ، وإنَّما هو ما توافق مع فطرته ومع عقله ومع قلبه، مدركًا أنَّ هذا هو ما يستطيع، وأنَّ هذه هي سعته، وهذا بالنِّسبة له، وبالنِّسبة لما يخصُّه من أمورٍ في حياته، وفي سلوكه، وأنَّ هذا هو الإيمان بما أُنزِل.
وليس الإيمان أن تردِّد ما لا تفهم، أو أن تُطبِّق ما لا تفهم ومالا تعتقد، فأنت عبدٌ فقير تتَّجه إلى الله، وأنت تتعلَّم بقدرك، وأنت مسئولٌ عمَّا تستطيع، "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"، وتأدُّبك مع الله فيما لا تفهمه هو أن تعترف بذلك، ولا تُقدِم على ألَّا تقبله أو أن ترفضه رفضًا باتًّا، إنَّما تتوقَّف عنده.
لذلك، فإنَّ الإيمان ليس نمطًا، وليس صورةً، وليس شكلًا يتَّبعه النَّاس جميعًا، إنَّما هو مُتغيِّرٌ بتغيُّر الإنسان وقدرته. وكما نذاكر دائمًا، أنَّ الإيمان منهجٌ، وما نتَّبعه جميعًا هو منهجٌ واحد، هو التَّفاعل بقدرنا، بغضِّ النَّظر عمَّا نصل إليه، فقد يصل كلٌّ منَّا إلى نتيجةٍ مختلفة، إنَّما كلُّنا بمعنى إيماننا بما أُنزِل إلى رسولنا هو أن نتَّبع منهجًا، هو التَّأمُّل والتَّفكُّر والتَّدبُّر، وقبول ما نستطيع، وعدم الحكم على ما لا نستطيع.
وهذا يقودنا إلى أنَّ هذا المنهج أيضًا يُطبَّق فيما أُنزِل لمن قبلنا، "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ"، ويتوافق مع معنى: "... وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ..."[البقرة 285]، كيف نُطبِّق هذه الآية إن لم نفهمها بالصُّورة التي نتحدَّث بها؟
إنَّ أغلبيَّة النَّاس يفُسِّرونها على أنَّها مجرَّد تصديق أنَّ هناك كتبًا نزلت، ورسلًا أُرسِل إليهم. هل هذا هو معنى يتَّفق مع أنَّ كلَّ ذلك مضافٌ إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله؟ هل إيماننا بالله هو مجرَّد كلمةٍ أو مجرَّد لفظ؟ هل إيماننا بملائكة الله هو مجرَّد كلمةٍ أو مجرَّد لفظ؟ هل إيماننا بكتب الله هو مجرَّد كلمةٍ أو مجرَّد لفظ؟
إن لم نفهم أنَّ علينا أن نقرأ كلَّ ما يمكننا قراءته، وأن نحاول أن نفهم ما فيه، فسوف نجد بالقطع مفاهيم كثيرة يمكن أن نتعلَّمها حتَّى ولو كانت متوافقة مع ما لدينا، فإنَّه بالعكس، ذلك يزيدنا فهمًا لاستمراريَّة قانون الله، وأنَّ ما جاء في قديم، جاء في كلِّ الرِّسالات، وهو قائمٌ في حاضرنا وبنفس المنهج. ربَّما تجد في معتقدات الدِّيانات الأخرى أو الطُّرق الأخرى ما لا تقبله، قف عنده، لا تردِّده لأنَّك لم تفهمه ولم تستطع أن تقبله، خذ ما تستطيع، وتعلَّم بما تستطيع، ولا تحكم على ما لا تستطيع، ولا تسخر ممَّا لا تستطيع.
حديثنا هذا لكلِّ إنسان، وكلُّ إنسانٍ هو مسئولٌ عن نفسه، وعليه أن يقوم بهذه المسئوليَّة، ولكن ليس عليه أن يَدَّعي أنَّ ما فهمه أو أدركه هو الحقُّ المطلق؛ لأنَّه يعلم حدوده، ويعلم أنَّ هذا ما استطاع أن يفهمه اليوم، وربَّما يُغيِّر مفهومه غدًا، إنَّما يتذاكر مع إخوانه، لا تذكير فرض بأنَّ هذا هو الحقُّ، وإنَّما تواصِي بالحقِّ الذي يشهده والذي يراه.
والتَّواصي بالحقِّ ليس أمرًا مطلقًا، إنَّما هو بالحقّ الذي شهدته، والذي عَلِمته، والذي عرفته، وتدرك أنَّ كلَّ هذا هو ما استطعت في قيامك الحاضر، ربَّما تكون قد وصلت إلى نتيجةٍ تؤثِّر سلبًا على وجودك الرُّوحي، وربَّما تكون قد وصلت إلى حقيقةٍ بالنِّسبة لك، تؤثِّر إيجابًا على وجودك الرُّوحي.
فأنت تعلم جيِّدًا أنَّ ما تعلَمه هو نسبيّ، ولا تعرف بالقطع ما تأثير كلِّ ما فهمت على وجودك، فأنت مفتقرٌ إلى الله، تخشى الله، تعلم أنَّ "... مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ ..."[آل عمران 7]، فإذا كانت هناك آياتٌ قد فهمتها بصورةٍ مَّا، فالقضيَّة ليست في أنَّ الفهم مطلق الصِّحَّة أو غير مطلق الصِّحَّة، إنَّما هو في تأثيره عليك، وعلى سلوكك، وعلى عملك، وعلى فعلك، وعلى قيامك، وهذا ما لا تستطيع أن تحكم عليه الآن.
فنحن في وجودٍ فيه حجابٌ وفيه ظُلمة، إنَّما نؤمن بأنَّه حين ننطلق من هذه الذَّات في مرحلةٍ لاحقة من مراحل تُطوُّرنا في الحقِّ، سوف نستطيع أن نحكم على ما فعلنا، "... وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ..."[الكهف 49]، "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"[الزلزلة 8،7]، وهذا معنى الآخرة، "وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ".
أن خشيتك لله تجعلك اليوم لا تُقدِّم حكمًا نهائيًّا، وإنَّما تخشى الله، وتعلم معنى الآخرة التي سوف يُكشَف لك فيها ما قدَّمتَ وما أخَّرت. وهذا أمرٌ غيبيّ لا يجب عليك أن تُجسِّده في أيِّ صورةٍ أو في أيِّ شكل، ولذلك فإنَّ الإيمان بالآخرة هو من الإيمان بالغيب؛ لأنَّك لا تستطيع أن تُجسِّده في أيِّ صورة.
عباد الله: نحن نقول هذا ونرى فيه ـ ربَّما ـ إصلاحًا لقديم، وفهمًا لحاضرٍ يُمكِّننا من العيش أفضل، ومن فهمٍ لديننا أعمق، فلا نرى هذه الصُّور من الإيمان الشَّكليّ الذي لا نحكم عليه حكمًا مطلقًا، ولكنَّنا نقول أنَّه بالنِّسبة لمفهومنا فهو حرفيٌّ شكليّ لا يقبل الآخر، ولا يقبل مفهومًا آخر.
فإذا توقَّف الإنسان عن أن يعتدي على الآخر، وفهم أيَّ فهمٍ، فهذا حقُّه أيَّا كان ـ كما ذكرنا الآن ـ ولكن المشكلة الكبرى، هي حين يتخطَّى الإنسان حدوده ويعتدي على الآخرين باسم الحقِّ المطلق، فإنَّه بذلك يكون أداة سوءٍ لغيره، وهذا ما نعتقده ونتذاكر به، لا عن أنَّنا نحكم حكمًا مطلقًا أيضًا، ولكنَّنا نقول هذا ما نراه.
عباد الله: نسأل الله: أن يوفِّقنا أن نكون حقًّا من الذين يؤمنون بما أنزل الله لنا ولمن قبلنا، وأن نكون مقتدين بسُنَّة رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ الذي عرف كيف يؤمن بما أُنزِل إليه.
فحمدًا لله، وشكرًا لله، وصلاةً وسلامًا عليك يا رسول الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
عباد الله: ما أردنا أن نُقدِّمه اليوم: هو تأمُّلٌ في معنى: "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ"، فهذه الآية هي تعبيرٌ عن قانونٍ من قوانين الحياة، ووصفٌ للمنهج الذي يتَّبعه الإنسان في علاقته مع ما أُنزِل إليه، وأنَّ هذا التَّعامل مع ما أُنزِل إلى البشريَّة من خلال الرِّسالات السَّماويَّة، أو من خلال القوانين الحقيَّة، أو من خلال الظَّواهر الطَّبيعيَّة، أو من خلال الأحداث اليوميَّة، كلُّ هذه آيات الله بصورٍ مختلفة، وأُنزِلت إلى البشريَّة وتُنزَّل إلى البشريَّة في دوام.
أنَّ تعامله مع هذه الأمور وهذه الآيات، يجب أن يكون بناءً على قراءةٍ لها وفهمٍ لما يستطيع أن يفهمه منها، فيؤمن بها، أو يؤمن بما وصل إليه منها، فأنت لا تستطيع أن تؤمن إلَّا بما فهمته، ولا تستطيع أن تفهم إلَّا بأن تقرأ ما تريد أن تفهمه.
لذلك، كانت الآية: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ..."[فصلت 53]، بمعنى سوف نجعلها في صورةٍ يستطيعون أن يقرؤوها وإذا قرؤوها يستطيعون أن يفهموا منها ما يستطيعون، وإذا فهموا منها شيئًا آمنوا به، وإذا آمنوا بما فهموا طبَّقوه، وإذا طبَّقوه تابعوه وقَوَّموا أثره، فتعلَّموا من تطبيقه، وربَّما راجعوا أنفسهم فيما فهموه فغيَّروا مفهومهم نتيجةً لتطبيقهم، فغيَّروا تطبيقهم في حلقةٍ مستمرَّةٍ من التَّقدُّم إلى الأفضل والأحسن والأقوم.
كلُّ هذا في معنى: "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ"؛ لأنَّنا لا نستطيع أن نتوقَّف عند أنَّ الإيمان هو مجرَّد ترديد؛ لأنَّ هذا ما أنزل الله، ثم ماذا؟ ماذا فعلنا بما أنزل الله؟ ماذا فعلنا بآيات الله التي أرانا في الآفاق وفي أنفسنا؟ ماذا فعلنا في رسالاته التي أرسل إلينا في قديم، وفي آياته التي يرسل لنا في حاضر؟ ماذا نفعل بها؟ هل نقف ونقول هذه آيات الله ككلمةٍ ولفظ، أم نتفكَّر فيها؟ أم نقرأها أوَّلا ونتفكَّر فيها، ونتعلَّم منها، ونفهم ما نستطيع أن نفهم، ونُطبِّق ما نستطيع أن نُطبِّق؟
عباد الله: نسأل الله: أن نكون من الذين يؤمنون بما أنزل الله إلينا وإلى من قبلنا، لنكون في دورةٍ صادقةٍ لحياتنا، نقرأ فيها ونفهم ما نقرأه، ونُطبِّق ما نفهمه ونراقب ما نُطبِّقه، في دورةٍ دائمةٍ للتَّغيير إلى الأفضل والأحسن والأقوم.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه النَّاس حولنا.
اللهم ونحن نتَّجه إليك، ونتوكَّل عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلَّا إليك
اللهم فاكشف الغمَّة عنَّا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنَّا شرور أنفسنا، وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين، لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه السَّاعة ذنبًا إلَّا غفرته، ولا همًّا إلَّا فرَّجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلَّا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا، واعف عنا.
يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا، يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا.                             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق