حديث الجمعة
6 محرم 1438هـ الموافق 7 أكتوبر 2016م
السيد/ علي رافع
حمداً لله، وشكراً لله، وصلاةً
وسلاماً عليك يا رسول الله.
الحمد لله، والحمد دائماً
لله، والشكر دائماً لله، والصّلاة والسّلام دائماً على رسول الله.
"وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ
اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا..."[آل
عمران 103]، حديثٌ دائمٌ من السماء، يوجّهنا إلى معنى
الهداية والصّلاح، معنى الجماعة والاجتماع، معنى المحبّة والتآلف، معنى الاجتماع على
ذكر الله، معنى قوّة الجماعة.
هذا ما نذاكر فيه وبه دائماً؛
لأنّ ليس لنا إلّا هذا. هذا هو الطّريق الذي نحقّق به هدفنا من معنى الحياة. الإنسان
في حياته له هدفٌ على مستوى وجوده الفرديّ مرتبطٌ بهدفٍ على مستوى وجوده الجمعيّ.
هدفه على مستوى وجوده الفرديّ،
هو أن يُعمِل كلّ طاقاته من أجل أن يحيا حياةً دائمة، من أجل أن يستجيب لدعوة رسول
الله وهو يدعونا لما يحيينا، فتكون هناك أعمالٌ على مستوى الإنسان بقيامه كفردٍ في
المجتمع، وفي الجماعة، وفي الطّريق إلى الحقّ. يتفكّر بعقله، ويتدبّر بفكره في معنى
الحياة، وفي معنى الوجود، في معنى وجوده، وفي وجود كلّ الكائنات حوله.
ويذكر بقلبه وبكلّ جوارحه،
معنى الحياة فيه الذي هو اسم الله. واسم الله هو تجلّي الله، هو ظهور الله في الكون،
"وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"[الأعلى
15]، والآية توضّح لنا ذلك "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"[آل
عمران 191]. فعلى المستوى الفرديّ يقوم الإنسان في ذلك.
وفي نفس الوقت هو له دورٌ
في المجتمع الذي يعيش فيه، وحياته هي أن يؤدّي دوره، هذا الدّور الذي ينعكس في كلّ
معاملاته مع كلّ الكائنات، فيما يستطيع أن يقدّمه لبيئته، وللبشريّة، وللإنسانيّة،
ولكلّ الكون حوله.
لذلك نجد دائماً هذا التوجيه:
"..الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ..."[البقرة
25]، فعلى مستوى الفرد هناك الإيمان الذي ينعكس في الذّكر
وفي الفكر، وعلى مستوى المجتمع هناك "...عَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ...".
فهدف الإنسان أن يكون من الذين يعملون الصّالحات.
التوجيه الإلهيّ: "وَلْتَكُن
مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"[آل
عمران 104]، هذا تعاملٌ مع المجتمع، هدفٌ نريد أن نحقّقه،
أن نكون أمّةً تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. هذا يؤدّي إلى فلاح
الإنسان، "...أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"،
أمّا غيرالمفلحين هم الذين "...تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ
مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"[آل
عمران 105].
وهنا علينا أن ندرك أنّ العذاب
العظيم هو نتاجٌ طبيعيّ لعمل الإنسان وفعله، وهذا ما نراه في ظاهر حياتنا، وظاهر حياتنا
هو تعبيرٌ عن باطنها. فالأمّة التي لا تجتمع على "...كَلَمَةٍ سَوَاء..."[آل
عمران 64]، والتي لا تبحث عن المعروف وهو ما عرفه الإنسان
بعلمه عمّا يُصلِح مجتمعه ـ حين يبتعد النّاس عن ذلك، ويختلفون لمجرد آراءٍ ليست قائمةً
على علمٍ ومعرفةٍ، كلٌّ يؤيّد رأيه، ويُسفِّه آراء الآخرين، دون أن يبحثوا عمّا يقيِّمون
به أفكارهم وآراءهم من علمٍ ومعرفةٍ، ما نتيجة ذلك؟
إنّ نتيجة ذلك هي خرابٌ ودمار،
وهذا هو العذاب العظيم، هذا واقعٌ في حياتنا، نراه في مجتمعاتنا، "...وَمَا
ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[النحل
118]، "مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ..."[النساء
147]، إنّكم الذين تعذّبون أنفسكم.
هكذا نرى أنّ الآيات توجّهنا
إلى طريق النّجاة، وهو أن نعتصم بحبل الله ولا نتفرّق، هو أن تكون منّا أمّةٌ تدعو
إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أن نكون من العاملين، "وَقُلِ اعْمَلُواْ
فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ..."[التوبة
105].
عباد الله:
إنّنا نحاول في جمعنا هذا أن نكون مجتمعين حقّاً على ذكر الله، وأن نستطيع بما تعلّمناه
أن نُعلِّمه بصورةٍ يمكن للعامّة أن يفهموها وأن يتقبّلوها، بقدر ما نستطيع. والإنسان
إن استطاع أن يقدّم ما يساعد ـ ولو رجلاً واحداً ـ لكان بذلك قد حقّق الهدف من أن يكون
أداة خيرٍ للآخرين، كما كان أداة خيرٍ لنفسه.
ولكن طمع الإنسان في الله
أن يكون أداة خيرٍ للجميع، وهو يعلم أنّ قد يكون هذا ـ بقوانين هذه الأرض ـ فيه صعوبةٌ
نقرؤها في تاريخنا وفي تاريخ كل المجتمعات، إلّا أنّنا إذا دعونا فإنّنا ندعو بكلّ
ما نرى أنّه الحقّ، مهما كان كبيراً، ومهما كان عظيماً، ومهما كان في نظرنا مستحيلاً
ـ فإنّ دعاء الله يكون ـ حتّى ـ بما ترى أنّه المستحيل. إنّك تدعو الله بكلّ طاقاتك
وإمكاناتك، وما تراه خيراً لك وللنّاس أجمعين.
لذلك فنحن في دعائنا وفي
عملنا نطمع في أن نكون أداة خيرٍ للنّاس أجمعين، بعد أن نكون أداة خيرٍ لأنفسنا، فنبذل
قصارى جهدنا حتّى نكون كذلك.
نسأل الله: أن يحقّق لنا
ذلك، وأن يجعلنا كذلك.
فحمداً لله، وشكراً لله،
وصلاةً وسلاماً عليك يا رسول الله.
______________________
الحمد لله، والصّلاة والسّلام
على رسول الله.
عباد الله:
ما أردنا أن نقوله اليوم: أنّ الهدف الكلّيّ للإنسان هو أن يحيا بقيامه على هذه الأرض.
وليكون الإنسان حيّاً، فهناك هدفٌ فرديٌّ عليه أن يحقّقه، وهو أن يكون ذاكراً متفكّراً،
فيُعمِل ما أعطاه الله من قدرةٍ ومن إرادةٍ على أن يحقّق ذلك على مستوى نفسه.
والجانب الآخر، هو أن يكون
أداة خيرٍ لمجتمعه، فيحاول أن يحقّق ذلك في معاملاته، فيقدّم ما يستطيع أن يقدّمه بعلمه
وقدرته. وعلى مستوى بشريّته، فيتعاطف مع الكائنات حوله. وعلى مستوى إنسانيّته، فينظر
إلى كلّ الناس على هذه الأرض دون تمييزٍ لدينهم أو للونهم أو لجنسهم أو لعرقهم، ينظر
إليهم جميعاً شاعراً بارتباطه بهم، فيرجو الخير لهم جميعاً.
إنّه بذلك يحاول أن يستجيب
لدعوة الرّسول لما يحييه، ويطمع في رحمة الله، وفي عون الله أن يساعده على ذلك، وفي
رحمته أن يجعله أهلاً لذلك، وفي مغفرته في أن يتقبّل توبته، وأن يتقبّل دعوته، وأن
يتقبّل استغفاره. هكذا يكون الإنسان إنساناً، يكون الإنسان عبداً لله، يكون الإنسان
عبداً صالحاً، هذا ما نرجوه ونسأله وندعوه.
اللهم وهذا حالنا لا يخفى
عليك، تعلم ما بنا، وتعلم ما عليه الناس حولنا.
اللهم ونحن نتّجه إليك، ونتوكّل
عليك، ونوكل ظهورنا إليك، ونسلم وجوهنا إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك.
اللهم فاكشف الغمّة عنّا،
وعن بلدنا، وعن أرضنا.
اللهم ادفع عنا شرور أنفسنا،
وشرور الأشرار من حولنا.
اللهم اجعلنا لك خالصين،
لوجهك قاصدين، معك متعاملين، عندك محتسبين.
اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا
اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم لا تجعل لنا في هذه
السّاعة
ذنباً إلّا غفرته، ولا همّاً إلّا فرّجته، ولا حاجةً لنا فيها رضاك إلّا قضيتها.
اللهم ارحمنا، واغفر لنا،
واعف عنا.
يا أرحم الراحمين ارحمنا،
يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق